الاستصحاب في الشكّ المسبّبي ، إنّما الكلام في ملاك التقدّم وعلّته ، وكان للشيخ الأنصاري رحمهالله في المقام كلام مفصّل ، حاصله : أنّ الشكّ في أحدهما إن كان مسبّبا عن الشكّ في الآخر ، فاللازم تقديم الشكّ السببي وإجراء الاستصحاب فيه ورفع اليد عن الحالة السابقة للمستصحب الآخر.
مثاله : استصحاب طهارة الماء المغسول به ثوب نجس ، فإنّ الشكّ في بقاء نجاسة الثوب وارتفاعها مسبّب عن الشكّ في بقاء طهارة الماء وارتفاعها ، فتستصحب طهارته ويحكم بارتفاع نجاسة الثوب.
واستشكل على نفسه بأنّ اليقين بطهارة الماء واليقين بنجاسة الثوب المغسول به كلّ منهما يقين سابق شكّ في بقائه وارتفاعه ، وحكم الشارع بعدم النقض نسبته إليهما على حدّ سواء ؛ لأنّ نسبة حكم العامّ إلى أفراده على حدّ سواء ، فكيف يلاحظ ثبوت هذا الحكم لليقين بالطهارة أوّلا حتّى يجب نقض اليقين بالنجاسة ؛ لأنّه مدلوله ومقتضاه؟
والحاصل : أنّ جعل شمول حكم العامّ لبعض الأفراد سببا لخروج بعض الأفراد عن الحكم أو الموضوع كما في ما نحن فيه فاسد بعد فرض تساوي الفردين في الفرديّة مع قطع النظر عن ثبوت الحكم.
وأجاب في مقام دفع تساوي نسبة دليل الاستصحاب بالإضافة إليهما بوجوه ، والمهمّ منها وجهان :
الوجه الأوّل : أن تقدّم السبب على المسبّب من حيث الرتبة لا يكون قابلا للإنكار ، وهذا يوجب عدم كون نسبة الدليل إليهما على حدّ سواء ، وجريان الاستصحاب في السبب مقدّما على المسبّب.
الوجه الثاني : أنّ استصحاب طهارة الماء يوجب زوال نجاسة الثوب