بالدليل الشرعي ، وهو ما دلّ على أنّ الثوب المغسول بالماء الطاهر يطهر ، فعدم نقض طهارة الماء لا معنى له إلّا رفع اليد عن النجاسة السابقة المعلومة في الثوب ؛ إذ الحكم بنجاسته نقض لليقين بالطهارة المذكورة ، وأمّا استصحاب بقاء النجاسة في الثوب فلا يوجب زوال الطهارة عن الماء ، ولازم شمول «لا تنقض» للشكّ المسبّبي نقض اليقين في مورد الشكّ السببي لا لدليل شرعي يدلّ على ارتفاع الحالة السابقة فيه ، فيلزم من إهمال الاستصحاب في الشكّ السببي طرح عموم «لا تنقض» من غير مخصّص ، وهو باطل ، واللازم من إهماله في الشكّ المسبّبي عدم قابليّة العموم لشمول المورد ، وهو غير منكر.
فجريان الاستصحاب في السبب مع وصف جريانه في المسبّب تعارض ، وجريانه في المسبّب وحده تخصيص ، والتخصيص مستلزم للدور المحال ؛ فإنّ تخصيص «لا تنقض» في مورد الشكّ السببي متوقّف على شموله للشكّ المسبّبي ، وشموله له متوقّف على تخصيصه في مورد الشكّ السببي ، فالتخصيص متوقّف على التخصيص ، وهو محال (١). هذا تمام كلامه مع توضيح وتلخيص.
وأمّا دليله الأوّل فلا شبهة في تقدّم السبب على المسبّب من حيث الرتبة ، ولا إشكال أيضا في تحقّق المقارنة المعيّة بينهما من حيث الزمان والوجود ، ولمّا كان خطاب «لا تنقض» متوجّها إلى العرف لا يمكن المشي في الخطابات العرفيّة بملاك التقدّم والتأخّر العقلي ، فالتقدّم والتأخّر من حيث الرتبة مسألة عقليّة ، ولا يكون قابلا للدرك والفهم لدى العرف ، بل العرف ، يحكم بتحقّق المصداقين ؛ لقوله «لا تنقض» ، وإضافة العامّ بالنسبة إلى المصاديق على حدّ سواء.
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٨٦٣ ـ ٨٦١.