مقتضى الاستصحاب في المتمّم هو النجاسة ، وفي المتمّم هو الطهارة ، مع العلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع ، ولا يمكن الأخذ بكلا الاستصحابين لا للعلم الإجمالي ، بل للإجماع على عدم جواز التفكيك بين أجزاء ماء واحد في الحكم بنجاسة بعض وطهارة بعض.
وقال استاذنا السيّد الإمام رحمهالله : «أمّا الترجيح فلا مجال له ، وذلك يتّضح بعد التنبيه على أمر ، وهو أنّ ترجيح أحد الدليلين أو الأصلين على الآخر إنّما هو بعد الفراغ عن تحقّقهما أوّلا وذلك واضح ، وبعد الفراغ عن تحقّق المرجّح مع ذي المزيّة ومقابله ثانيا ، فمع عدم تحقّق المزيّة مع ذيها ومقابله لا يمكن الترجيح بها ، وبعد الفراغ عن كون مضمونهما واحدا ثالثا ؛ ضرورة عدم تقوية شيء بما يخالفه أو لا يوافقه.
فحينئذ إمّا أن يراد ترجيح أحد الاستصحابين على الآخر بدليل اجتهادي معتبر أو بدليل ظني غير معتبر أو بأصل من الاصول الشرعيّة أو العقلائيّة المعتبرة أو غير المعتبرة.
لا سبيل إلى الترجيح بالدليل الاجتهادي المعتبر ؛ لحكومته على الاستصحاب فلا يبقى ذو المزية معه ، وكذا بالاصول العقلائية المعتبرة ؛ لعين ما ذكر ، ولا بالاصول الشرعيّة كأصالة الإباحة والطهارة والبراءة ، ولا العقليّة كأصالة البراءة والاشتغال ؛ لأنّ الاستصحاب مقدّم على كلّ منها ، فلا تتحقّق المزيّة مع ذيها ، فلا مجال للترجيح بالشيء المفقود مع ما يراد الترجيح به.
ومن ذلك يعلم أنّه لا مجال لترجيح الأصل الحاكم بالمحكوم وبالعكس ، فاستصحاب الطهارة لا يرجّح بأصلها وبالعكس.
وأمّا الترجيح بدليل ظنّي غير معتبر ـ كترجيح الاستصحاب بالعدل