الواحد بناء على عدم اعتباره ـ فلا يمكن أيضا ؛ لتخالف موضوعيهما ومضمونيهما ، فمفاد استصحاب الطهارة ترتيب آثار اليقين بالطهارة في زمان الشكّ أو ترتيب آثار الطهارة الواقعيّة في زمان الشكّ ، ومفاد الدليل الظنّي ـ كخبر الواحد ـ هو الطهارة الواقعيّة ، فلا يتوافق مضمونهما ولا رتبتهما» (١).
وهذا كلام جيّد لا إشكال فيه ، فإذا لم يكن للترجيح مجال في تعارض الاستصحابين يدور الأمر بين الاحتمالين : التساقط والتخيير ، ولا بدّ من ملاحظة أدلّتهما.
وأمّا وجه التساقط ـ بعد عدم المانع من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي إلّا المخالفة العمليّة القطعيّة أو الدليل الخارجي الدالّ على عدم جواز التفكيك كما مثّلن ـ أنّ نسبة : «لا تنقض» إلى جميع الأفراد والمصاديق على السواء ، وشموله لها شمولا واحدا تعيينا ، أي يكون شاملا لجميع الأفراد على سبيل التعيين لا الأعمّ من التخيير حتّى يكون شموله لكلّ فرد مرّة معيّنا ومرّة مخيّرا بين اثنين اثنين ، ومرة بين ثلاثة ثلاثة ، وهكذا ، أو في حال معيّنا وفي حال مخيّرا ومعيّنا ، فلا يمكن الأخذ بكلّ واحد من الأطراف للزوم المخالفة العمليّة ، ولا ببعض الأطراف معيّنا ؛ لعدم الترجيح ، ولا مخيّرا ؛ لعدم شموله للأفراد مخيّرا رأسا ؛ فيسقط الاستصحابان.
وأمّا وجه التخيير فما يمكن أن يكون وجها له أمران :
أحدهما : أنّه بعد سقوط الدليل بما ذكر يستكشف العقل خطابا تخييريا ؛ لوجود الملاك التامّ في الأطراف ، كما في باب التزاحم ، فقوله : «أنقذ الغريق» بعد التزاحم يستكشف العقل خطابا تخييريا ؛ لوجود الملاك في كلّ منهما ، فما هو
__________________
(١) الاستصحاب : ٢٥٤.