الملاك لتعلّق الخطاب التعييني لكلّ غريق يكون ملاكا للخطاب التخييري في ما نحن فيه ، فمحذور المخالفة العلميّة القطعيّة أوجب استكشاف العقل حكما شرعيّا تخييريّا.
واستشكل عليه استاذنا السيّد الإمام رحمهالله بأنّ استكشاف الخطاب التخييري لا يمكن في ما نحن فيه ، فإنّ كشف الخطاب في مثل : «أنقذ الغريق» ممّا لا مانع منه ؛ لوجود الملاك في كلّ من الطرفين ، وهو حفظ النفس المحترمة دون مثل : «لا تنقض» ؛ لعدم الملاك في الطرفين ولا في واحد منهما ؛ لأنّه ليس تكليفا نفسيّا مشتملا على الملاك ، بل هو تكليف لأجل التحفّظ على الواقع لا بمعنى كونه طريقا إليه ، بل بمعنى كون ترتيب آثار الواقع بملاك درك الواقع ، مثل ما إذا أوجب الشارع الاحتياط في الشبهة البدويّة ، فاستصحاب الوجوب والحرمة لا يوجب حدوث ملاك في المستصحب ، بل يكون حجّة على الواقع لو أصاب الواقع ، وإلّا يكون التخلّف تجرّيا لا غير ، وأوضح منه الاستصحاب الموضوعي فإذا علم انتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف وسقط الأصلان لا يمكن كشف الحكم التخييري ؛ لعدم الملاك ـ أي التحفّظ على الواقع ـ في الطرفين (١).
ثانيهما : أنّ إطلاق أدلّة الاستصحاب يقتضي عدم نقض اليقين بالشكّ في حال نقض الآخر وعدمه ، كما أنّ إطلاق أدلّة الترخيص يقتضيه في حال الإتيان بالآخر وعدمه ، وإطلاق مثل : «أنقذ الغريق» يقتضى إنقاذ كلّ غريق ، أنقذ الآخر أوّلا ، ولا يجوز رفع اليد عنه إلّا بما يحكم العقل ، وهو ما تلزم منه المخالفة العمليّة والترخيص في المعصية والتكليف بما لا يطاق ، ونتيجة ما ذكر :
__________________
(١) الاستصحاب : ٢٥٨.