بين تحقّق الاستصحاب على خلافها وعدمه.
الثاني : أنّ بعد تحقّق التعارض بينهما في أكثر موارد القاعدة يهدينا قوله : «ولو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق» إلى عدم اختصاص القاعدة بالموارد النادرة ، وإلّا يلزم أن تكون القاعدة قليلة الفائدة ، بخلاف الاستصحاب ؛ إذ يبقى تحته جميع الشبهات الحكميّة والشبهات الموضوعيّة قليلة غير الملكيّة ، فلا شكّ في تقدّم القاعدة على الاستصحاب ، سواء قلنا بأنّها أمارة شرعيّة أو قلنا بأنّه أصل معتبر شرعا تبعا للعقلاء.
وأمّا قاعدة التجاوز ـ كما إذا شككنا في حال السجود بإتيان الركوع قبله وعدمه ـ فهي تحكم بعدم الاعتناء بالشكّ ، والإتيان به ، ومقتضى الاستصحاب عدم الإتيان به ، وهكذا في قاعدة الفراغ ـ كما إذا شككنا بعد الفراغ من الصلاة بإتيان الركوع في الركعة الثالثة ـ مثلا ـ وهي تحكم بعدم الاعتناء بالشكّ والإتيان به ، ومقتضى الاستصحاب عدم الإتيان به ، وهكذا في أصالة الصحّة الجارية في غير العبادات بالنسبة إلى عمل الغير أو عمل النفس بعد وقوع العمل والشكّ في وقوعه صحيحا أم لا؟ ففي جميع هذه الموارد يكون مقتضى الاستصحاب فساد العمل ، فما هو الحكم في مقام التعارض؟
فإن قلنا بأماريّة هذه القواعد جميعا أو بعضها فلا يبقى مجال للاستصحاب مع تحقّقها في مقام التعارض ؛ لما ذكرنا من تقدّم الأمارة عليه من باب الورود ، وإن قلنا بعدم أماريّتها وأن سنخ حجّيّتها سنخ حجّيّة الاستصحاب يكون تقدّمها عليه من باب التخصيص لعموميّة دليل الاستصحاب ، واختصاص أدلّتها بموارد خاصّة ، ولزوم لغويّة جعلها بناء على تقدّم الاستصحاب عليها ، ولا يكون سياق دليل الاستصحاب آبيا عن التخصيص ، فلا بدّ من كون تقدّم