القواعد الثلاث عليه بنحو التخصيص.
وأمّا تعارض الاستصحاب مع قاعدة القرعة فلا بدّ من الإشارة الإجمالية إلى مفاد هذه القاعدة بأنّه قد يعبّر عنها بأنّ «القرعة لكلّ أمر مشكل» ، وقد يعبّر عنها بأنّ «القرعة لكلّ أمر مشتبه» ، وقد يعبّر عنها بأنّ «القرعة لكلّ أمر مجهول» الظاهر منها المعنى العامّ الشامل لجميع الشبهات الحكميّة والموضوعيّة وجميع موارد جريان الأمارات والاصول ، كما يستفاد من كثير من الكلمات ، ولازم ذلك المعنى الابتلاء بتخصيص الأكثر المستهجن بحيث لو استفدنا ممّا بقي تحت العموم في مورد لا بدّ من إحراز عمل الأصحاب على طبقها فيه ، وهذا كاشف من عدم كونها بهذا الحدّ من العموم والتوسعة من الابتداء.
فيمكن أن يكون معنى المشكل في قوله : «القرعة لكلّ أمر مشكل» ، المشكل بقول مطلق بمعنى عدم العلم وعدم إحراز الحكم الواقعي والظاهري ، فلا مصداق لها في الشبهات الحكميّة أصلا لتكفّل الاصول والأمارات لإحرازها ، فلا يبقى مجال لجريانها فيها ، وهكذا في كثير من الشبهات الموضوعيّة لإحراز حكمها بالاصول العمليّة.
نعم ، إذا لم يمكن جريان الاصول طرّا وقاعدة اليد وسائر القواعد يكون مورد قاعدة القرعة ، كما إذا ادّعى مدّعيان ملكيّة شيء في يد شخص ثالث بدون البيّنة لهما ، مع اعتراف ذو اليد بعدم ملكيّته له ، فلا طريق لاستكشاف مالكه سوى القرعة ، وهذا المعنى يستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله (١).
ويمكن أن يكون معناه ما يستفاد من كلام استاذنا السيّد الإمام رحمهالله وحاصل كلامه : أنّ التّتبع في الروايات الكثيرة الواردة في باب القرعة يرشدنا إلى أنّها
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٦١.