إذا عرفت معنى قاعدة القرعة إجمالا فنقول : إنّها إن كانت بالمعنى العامّ الشامل لكلّ المشتبهات يكون تقدّم الاستصحاب عليها في مورد التعارض من باب المخصّص ، فنستفيد من دليليهما أنّ القرعة لكلّ أمر مشكل إلّا المشكل الذي كانت له حالة سابقة متيقّنة ، وإن كانت بالمعنى الذي ذكره صاحب الكفاية ـ أي المشكل الذي لا يعلم حكمه الواقعي ولا حكمه الظاهري ـ يكون تقدّم الاستصحاب عليها وسائر الاصول عليها بنحو الورود ، وإن كانت بالمعنى الذي ذكره استاذنا السيّد الإمام رحمهالله ـ أي انحصارها بموارد تزاحم الحقوق وطريق رفع النزاع وحصول الأولويّة ـ يكون أيضا تقدّمه عليها من باب الورود ؛ إذ لا يبقى مجال لتزاحم الحقوق بعد جريان الاستصحاب.
ولكن يستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله في الابتداء أنّ دليل الاستصحاب أخصّ من دليل القرعة ، وصرّح بخروج الشبهات الحكميّة عن القاعدة بالإجماع ، ثمّ يقول في جواب الإشكال الوارد عليه : «إنّ المشكل في دليل القرعة مشكل بعنوانه الواقعي والظاهري وبقول مطلق ، ونتيجته تقدّم الاستصحاب على القرعة بنحو الورود».
وفي ذيل كلامه يقوله : «فلا بأس برفع اليد عن دليل القاعدة عند دوران الأمر بينه وبين رفع اليد عن دليل الاستصحاب ؛ لوهن عموم القاعدة وقوّة عموم دليل الاستصحاب»(١).
ونتيجته تحقّق التعارض بين عموم الدليلين وإنكار نسبة العموم والخصوص المطلق والوارد والمورود بينهما ، ومن تفريع هذه المسألة بفاء
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٦٠ ـ ٣٦١.