المطلق للمولى هو نفس الصلاة بدون دخل أيّ خصوصيّة فيها ، وأنّ الجامع الصلاتي بما هو ذو مصلحة لازمة الاستيفاء ، وهذه المصلحة متقوّمة بنفس عنوان الصلاة فقط ، مضافا إلى أنّ له مطلوبا آخر ، وهي الصلاة المخصّصة بخصوصيّة القصريّة والمتقيّدة بقيد القصريّة ، وهي أيضا ذات مصلحة كاملة لازمة الاستيفاء ، ولكن لا يتحقّق بينهما الترتّب والطوليّة ، بل كلاهما في عرض واحد ، واختلافهما اختلاف الإطلاق والتقييد ، واختلاف الجامع والخصوصيّة ، واختلاف النوع والصنف لا التضادّ ، إلّا أنّ بعد الإتيان بالمطلوب الأوّل لا يبقى مجال للمطلوب الثاني ، كما أنّه لا يبقى مجال لشرب الماء البارد بعد شرب غيره ـ مثلا ـ فالمصلحة متقوّمة بطبيعة الصلاة وعنوانها لا بصلاة الإتمام أوّلا ، ولا مانع من تعلّق أمر بطبيعة الصلاة وأمر آخر بصلاة متخصّصة بخصوصيّة القصريّة ثانيا ، ولا يتحقّق التضادّ بينهما ثالثا ، هذا توضيح ما ذكره رحمهالله هنا (١).
ويمكن للقائل بامتناع اجتماع الأمر والنهي أن يقول : إنّ التضادّ الواقعي يتحقّق بين الأحكام الخمسة التكليفيّة ، كما أنّ صاحب الكفاية رحمهالله ينفي الريب عنه ظاهرا ، فكما أنّ اجتماع الضدّين مثل الوجوب والحرمة في موضوع واحد محال ، كذلك اجتماع المثلين فيه محال ، فلا يمكن تعلّق الوجوبين بالصلاة.
ولكن ذكرنا في مقام إنكار هذا المعنى : أنّ التضادّ لا يتحقّق في الامور الاعتباريّة ؛ لانحصاره بالوجودات الواقعيّة كالسواد والبياض ، ومعنى التضادّ بينهما أنّه لا يمكن أن يكون الجسم معروضا لهما في آن واحد من أيّ طريق كان ولو من ناحية أشخاص متعدّدين ، مع أنّ هذا المعنى لا يتحقّق في الأحكام والامور الاعتباريّة ، إذ الموضوع الواحد مثل صوم الولد يمكن أن يقع
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٤٨٤.