وثانيا : أنّ موارد التخصيص هل تكون بنظر العرف من مصاديق التعارض أم لا؟ مع أنّا نرى وجود تخصيص العمومات القرآنيّة كتخصيص قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ، مع ملاحظة نفي الاختلاف والتعارض عن القرآن بقوله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ، فكيف لا يكون العامّ والخاصّ في القرآن موجبا للاختلاف؟
ومن هنا نستفيد أنّ موارد العامّ والخاصّ خارجة عن التعارض بنظر العرف.
توضيح ذلك : أنّ التعارض بين العامّ والخاصّ بنظر العقل والمنطق لا شبهة فيه ؛ إذ السالبة الجزئيّة نقيض الموجبة الكلّيّة ، والموجبة الجزئيّة نقيض السالبة الكلّيّة ، وهذه نسبة بين العامّ والخاصّ بحسب النوع والغالب.
وأمّا بنظر العرف فيتحقّق التعارض بين العامّ والخاصّ في كثير من الموارد والاستعمالات ، كالمحاورات والمكاتبات العاديّة حتى في الرسائل العمليّة ، ولكن لا يتحقّق التعارض والتنافي بين العامّ والخاصّ بنظر العرف في محيط التقنين ومقام جعل القانون ، بل الشائع بين العقلاء في مقام التقنين هو إلقاء حكم بصورة العموم ثمّ استثناء موارد منه بعنوان التبصرة ، وما يعبّر عنه في الاصطلاح بالتخصيص ، ولا يكون بنظر العقلاء والعرف بين التبصرة وأصل القانون تنافيا وتعارضا ، فلذا قلنا في بحث العامّ والخاصّ : إنّ التخصيص لا يستلزم التجوّز في العامّ ؛ لكونه موجبة لمحدوديّة الإرادة الاستعماليّة فقط ، وتعلّق المراد الجدّي بما عدى مورد التخصيص.
ولذلك يتوقّف التمسّك بالعمومات القانونيّة على الفحص عن المخصّص