وإن كان المراد به أنّ ذلك المقدار متيقّن على تقدير ثبوت الحكم بالنسبة إلى غيره ـ مثلا : لو كان الجاهل الفاسق محرّم الإكرام لكان العالم الفاسق كذلك قطعا بحيث كان المعلوم هو الملازمة بين الأمرين ، بل ثبوت الحكم في القدر المتيقّن بطريق أولى ـ فمن المعلوم أنّ ذلك لا يوجب كون الدليل الظاهر في حرمة إكرام مطلق الفسّاق نصّا بالنسبة إلى العالم الفاسق ، بل غايته عدم إمكان التفكيك وإدراج مورد الاجتماع في الدليل الآخر ، وأمّا تقديمه على ذلك الدليل فلا ، فلم لا يعاملان معاملة المتعارضين؟
وبعبارة اخرى : اللازم ممّا ذكر عدم جواز تقديم الدليل الآخر على هذا الدليل ؛ لاستلزام التقديم الانفكاك الذي يكون معلوم الخلاف ، وأمّا لزوم تقديم هذا الدليل والحكم بحرمة إكرام جميع الفسّاق لأجل ما ذكر فلا دليل عليه ، بل يمكن معاملتهما معاملة المتعارضين ؛ لأنّها أيضا لا يوجب الانفكاك ، فتدبّر جيّدا (١).
ومنها : ما إذا كانت أفراد أحد العامّين من وجه بمرتبة من القلّة بحيث لو خصّص بما عدا مورد الاجتماع مع العامّ الآخر يلزم التخصيص المستهجن ، فيجمع بين الدليلين بتخصيص ما لا يلزم منه التخصيص المستهجن وإبقاء ما يلزم منه ذلك على حاله ؛ لأنّ العامّ يكون نصّا في المقدار الذي يلزم من خروجه عنه التخصيص المستهجن ، ولا عبرة بقلّة أحد أفراد العامّين وكثرتها ، بل العبرة باستلزام التخصيص المستهجن (٢). انتهى.
ويرد عليه : أوّلا : أن النصوصيّة من حالات الدلالة ، واستلزام التخصيص
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٧٢٨.