إنّما هو تأخّر الخاصّ عن وقت العمل بالعامّ إذا كان مفاد العامّ حكما واقعيّا لا حكما ظاهريّا (١).
وقريب من هذا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره بأنّ قبح تأخير البيان عن وقت العمل فيما إذا لم يكن هناك مصلحة في إخفاء الخصوصيّات أو مفسدة في إبدائها (٢).
وقد قرّب الشيخ الأنصاري قدسسره الاحتمال الثالث واستبعد الاحتمال الأوّل ؛ لاستلزامه كثرة النسخ ، وكذا الاحتمال الثاني ؛ لكثرة الدواعي إلى ضبط القرائن المتّصلة واهتمام الرواة بحفظها.
ولكن قرّب هذا الاحتمال المحقّق النائيني قدسسره (٣) ؛ نظرا إلى أنّ كثيرا من المخصّصات المنفصلة المرويّة عن طرقنا عن الأئمّة عليهالسلام مرويّة عن العامّة بطرقهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فيكشف ذلك عن اختفاء المخصّصات المتّصلة علينا ، بل احتمل استحالة الوجه الثالث بما أفاده في التقريرات.
ولكنّ الظاهر عدم تماميّة شيء من الاحتمالات الثلاثة ، بل التحقيق : أنّ جميع الأحكام الإلهيّة والقوانين الشرعيّة من العموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد ، والناسخ والمنسوخ قد صدر تبليغها من الرسول الأكرم وبيّنها للناس في مدّة نبوّته.
والشاهد عليه ما ذكره صلىاللهعليهوآله في خطبة حجّة الوداع ممّا يدلّ على أنّه نهى الناس عن كلّ شيء يقرّبهم إلى النار ويبعّدهم عن الجنّة ، وأمرهم بكلّ شيء
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٩٤.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٤٠٥.
(چ) فوائد الاصول ٤ : ٧٣٧.