التخصيص أو النسخ ، وثبوته بالنسبة إلى مورده قبل ورود الخاصّ مشكوك ومتفرّع على كون الخاصّ نسخا ، فالأمر يدور بين الأقلّ المتيقّن ـ أي عدم شمول الحكم العامّ لمورد الخاصّ بعد وروده ـ والأكثر المشكوك ـ أي شموله لمورد الخاصّ قبل وروده ـ فينحلّ العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقلّ المتيقّن ، والشكّ البدوي بالنسبة إلى الأكثر ، ومقتضى استصحاب عدم الوجوب أو جريان البراءة في المشكوك عدم كونه محكوما بحكم العامّ ، وحينئذ تتحقّق نتيجة التخصيص وتقدّمه على النسخ.
والتحقيق : أنّ هذا الكلام صحيح على القول بانحلال العلم الإجمالي ، إلّا أنّ العلم الإجمالي الواقعيّ لا التخيّليّ لا يكون قابلا للانحلال ؛ إذ لا يعقل أن يكون ما هو قوامه به من الاحتمالين سببا لإفنائه ومؤثّرا في انقلابه إلى العلم التفصيلي والشكّ البدوي ؛ فإنّه مستلزم لكون الشيء سببا لانعدام نفسه ، فدعوى أنّ العلم الإجمالي بالتخصيص والنسخ يتولّد منه تعيّن التخصيص ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه. كما قال به استاذنا السيّد الإمامقدسسره (١).
مضافا إلى عدم صحّة جريان الأصل على القول بالانحلال أيضا ؛ إذ الغرض من جريانه إثبات الحكم الظاهري للعالم الفاسق في فاصلة صدور العامّ وصدور الخاصّ ، مع أنّا نعلم بوجوب إكرامه في هذا الزمان بحكم العامّ بلا إشكال ، ولكن لا نعلم أنّ وجوب إكرامه يكون بنحو الحكم الواقعيّ ، أو بنحو الحكم الظاهري فيما كان الخاصّ مخصّصا للعامّ ، فلا مجال لجريان أصالة البراءة والاستصحاب.
هذا كلّه إذا كان الاستمرار الزمانيّ مستفادا من الإطلاق المقامي ، وأمّا إذا
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٣٦١.