وقال استاذنا السيّد الإمام رحمهالله في قباله : «أنّه يمكن أن يستفاد من كثير من الأخبار الواردة في التخيير كونه استمراريّا ، والعمدة من ذلك روايتان :
إحداهما : ما رواه الحسن بن جهم عن الرضا عليهالسلام قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ؟ قال عليهالسلام : «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت» (١).
فانّ تعليق الحكم بالتوسعة على مجرّد الجهل وعدم العلم ـ خصوصا مع إعادته في الجواب مع كونه مذكورا في السؤال ـ يدلّ على أنّ تمام الموضوع للحكم بالتوسعة هو مجرّد الجهل بالواقع وعدم العلم والتردّد الناشئ من مجيء الحديثين المختلفين ، ومن الواضح بقاء التردّد بعد الأخذ بأحدهما ؛ لأنّ الأخذ به لا يوجب العلم بالواقع ، أو قيام أمارة عليه التي لا بدّ من الأخذ بها.
وقد عرفت أن التخيير وظيفة مجعولة في مقام الشكّ والتحيّر ، وليس مرجعه إلى كون المأخوذ من الخبرين أمارة تعبّديّة في صورة التعارض حتّى يكون قيام الأمارة رافعا لموضوع الحكم بالتوسعة تعبّدا ، بل التحقيق : أنّه مع التخيير والأخذ بأحد الخبرين لا يرتفع التحيّر والتردّد من البين ، والمفروض أنّه الموضوع الفريد للحكم بالتوسعة وجواز الأخذ بما شاء منهما.
ثانيتهما : رواية الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال عليهالسلام : «إذا سمعت من أصحابك الحديث ـ وكلّهم ثقة ـ فموسّع عليك حتّى ترى القائم عليهالسلام فتردّ عليه» (٢).
وهذه الرواية وإن كان ربّما يناقش في دلالتها على التخيير في المتعارضين ؛
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٨٧ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ٤١.