وجوابه : أنّ الفرق بين الموردين واضح ، بأنّ الرواية هناك في صدد بيان أوصاف القاضيين بعنوان المرجّح بدون ملاحظة مستند حكمهما وروايتهما ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ محطّ النظر هنا هو مستند حكمهما وأنّ الموافقة للمشهور مرجّح للرواية وصفة لها.
فالمرجّحات المستفادة من المقبولة عبارة عن : موافقة الشهرة ، وموافقة الكتاب ، ومخالفة العامّة ، بخلاف ما ذكره استاذنا السيّد الإمام رحمهالله من أنّ المرجّح في مقام الفتوى الذي تدلّ عليه المقبولة ليس إلّا موافقة الكتاب ، ومخالفة العامّة (١).
ربّما يقال : إنّ المستفاد من المقبولة مرجّحيّة موافقة الكتاب ومخالفة العامّة في خصوص الخبرين المتعارضين المشهورين ، للإرجاع إليهما بعد قول السائل : (فإن كان الخبران عنكما مشهورين).
وجوابه : أنّ الإرجاع بهما بعد عدم كون الشهرة مرجّحا وعدم مرجّحيّتها قد يكون بلحاظ كونهما مشهورين معا ، وقد يكون بلحاظ فقدان هذا الوصف فيهما معا.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أوّلا : أنّ المقبولة معتبرة من حيث السند.
وثانيا : أنّ المرجّحات المستفادة منها ثلاثة : الشهرة الفتوائيّة ، وموافقة الكتاب ومخالفة العامّة.
وأما المرفوعة فقد ذكرها صاحب عوالى اللئالي بقوله : «روى العلّامة مرفوعا إلى زرارة بن أعين ، قال : سألت الباقر عليهالسلام ، فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما آخذ؟ فقال عليهالسلام : «يا زرارة ، خذ
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٤٠٦.