بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر» ، فقلت : يا سيّدي! إنّهما معا مشهوران مرويّان مأثوران عنكم؟ فقال عليهالسلام : «خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك» ، فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان موثّقان؟ فقال عليهالسلام : «انظر ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه ، وخذ بما خالفهم» ، قلت : ربّما كانا معا موافقين لهم ، أو مخالفين ، فكيف أصنع؟ فقال : «إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط» ، فقلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنع؟ فقال عليهالسلام : «إذن فتخيّر أحدهما ، فتأخذ به وتدع الأخير» (١).
ودلالتها واضحة ، لكنّها ضعيفة السند ؛ إذ لا سند لها ، إلّا أنّ الشيخ الأنصاريرحمهالله بعد نقلها في كتاب الرسائل والاعتراف بضعف سندها كان بصدد جبر ضعف سندها بالشهرة الفتوائيّة وعمل مشهور الأصحاب على طبقها.
ولكن الشهرة الجابرة على فرض قبولها عبارة عن الشهرة بين القدماء ، ولا فائدة للشهرة بين المتأخّرين ، ولا يترتّب عليها أثر.
والمستفاد منها : أنّ الأعدليّة والأوثقيّة أيضا من المرجّحات ، ولكنّ موافقة الكتاب ليس بمذكور فيها ، إلّا أنّ ضعف سندها يوجب عدم الاعتماد عليها وخروج الأعدليّة والأوثقيّة من دائرة المرجّحات وانحصارها في الثلاثة المذكورة في المقبولة.
فالحاصل : أنّه يمكن تقييد الروايات الدالّة على التخيير في المتعارضين بالمقبولة بعد عدم كونها متكثّرة وعدم لزوم حملها على الموارد النادرة ،
__________________
(١) عوالي اللئالي ٤ : ١٣٣ ، ٢٢٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.