فالواجب الأخذ بالمرجّحات المذكورة في المقبولة ، ولا يصحّ حملها على الاستحباب.
وربّما يقال : إنّ اختلاف روايات الترجيح من حيث قلّة المرجّحات وكثرتها من حيث التقديم والتأخير أقوى شاهد على حملها على الاستحباب ، نظير اختلاف الأخبار الواردة في البئر ومنزوحاته حيث استكشف منه الاستحباب.
والجواب عنه يحتاج إلى ملاحظة أخبار الترجيح وملاحظة المرجّحات المذكورة فيها على حده ، فنقول : إنّ من المرجّحات موافقة الكتاب ، ولا بدّ من ملاحظة ما يدلّ عليها وأنّ المقصود منها ما هو؟
والأخبار الواردة فيما يتعلّق بموافق الكتاب ومخالف الكتاب على طائفتين : الطائفة الاولى : ما تدلّ على أنّ الخبر المخالف للكتاب ممّا لم يصدر عنهم عليهالسلام أصلا.
ومن المعلوم أنّ موافقة الكتاب في الطائفة الاولى علامة للحجّيّة ، والمخالف فاقد للحجّيّة ، وأمّا في الطائفة الثانية فالظاهر أنّها تكون مرجّحا لإحدى الحجّتين على الاخرى في مقام التعارض ، فيتحقّق الاختلاف بين الطائفتين.
وقد جمع المحقّق النائيني رحمهالله بينهما بحمل المخالفة في الطائفة الاولى على المخالفة بالتباين الكلّي ، وفي الطائفة الثانية على المخالفة بغيره ، سواء كان بالعموم والخصوص المطلق أو من وجه (١).
ولكن قال استاذنا السيّد الإمام رحمهالله : «إنّ هذا الجمع وإن كان يبعّده اتّحاد التعبيرات الواقعة في الطائفتين من أنّ «المخالف زخرف أو باطل» ، و«لم نقله» ،
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٧٩١.