البين ، وأمّا الموجب للضرر في مسألة إيجاب الوضوء ليس نفس الإيجاب ، بل هو عبارة عن الوضوء الخارجي ، ولكن بلحاظ مقهوريّة إرادة المكلّف لحكم الشارع يصحّ استناد الضرر إلى الحكم ، والإيجاب استناد المعلول إلى العلة ، فنقول : إيجاب الوضوء يكون ضرريّا ومستلزما للضرر.
نعم ، إذا كان لكلّ السبب والمسبّب وجود مستقلّ ـ كحركة اليد وحركة المفتاح ـ لا يصحّ إطلاق أحدهما على الآخر على نحو الحقيقة ، وأمّا إذا لم يكن كذلك فلا مانع ؛ لإطلاق أحدهما على الآخر كالضرب والتألّم بدون أيّ نوع من المجازيّة ، ففي ما نحن فيه يصحّ القول بأنّ الحكم الذي يتولّد منه الضرر ، والضرر لباسه لا يتحقّق في محيط التشريع ، فلزوم البيع في المعاملة الغبنيّة لا يتحقّق ، وإيجاب الوضوء الضرري لا يتحقّق ، فلا إشكال في نفي الحكم الضرري بقوله : «لا ضرر» على نحو الحقيقة (١). هذا تمام كلامه مع التوضيح والتصرّف منا.
ولكن التحقيق : أنّ ما ذكره في المقدّمة الاولى ـ من عدم مجازيّة إسناد الرفع إلى الشيء بلحاظ آثاره وإسناد النفي إليه بلحاظ آثاره ، بل هي حقيقيّة في عالم التشريع ـ ليس بتامّ.
توضيح ذلك : أنّ المجاز قد يكون في الكلمة ، مثل : «رأيت أسدا يرمي» ، وقد يكون في الإسناد ، مثل : «أنبت الربيع البقل» ، فإنّ إسناد الإنبات إلى الربيع دون الباري تعالى مجازي ، والمجاز في حديث الرفع عند القائل به مجاز في الإسناد إن كان معناه أنّ شرب الخمر عن إكراه في جوّ الشرع لا حرمة فيه ولا حدّ عليه ، فلا إشكال فيه ، وأمّا اسناد الرفع إلى ما استكرهوا عليه ـ أي
__________________
(١) قاعدة لا ضرر دروس الفقيه العظيم والاصولي محمّد حسن الغروي النائيني : ١١٠.