إلى شرب الخمر في الواقع ـ بمعنى أنّ هذا ليس بشرب الخمر فكيف يكون إسنادا حقيقيّا ولو في محيط التشريع؟ مع أنّه لا فرق بين الشارع وغيره في الاستعمالات ، ولا دخل للشارع بما أنّه شارع في كيفيّة الاستعمال ، لتبعيّة استعمالاته الاستعمالات العرفيّة من حيث الحقيقة والمجاز ، ففي الاستعمالات العرفيّة يمكن نفي الرجوليّة بلحاظ نفي الآثار مجازا أو بعنوان الحقيقة الادّعائيّة لا الحقيقة الواقعيّة ، وهكذا في الاستعمالات الشرعيّة بلا فرق بينهما أصلا.
وأمّا ما ذكره في المقدّمة الثانية ـ من ارتباط الإخبار والإنشاء في مثل كلمة «بعت» بمداليل السياق لا بالوضع والموضوع له وأنّ السياق قد يقتضي دلالتها على الخبر ، وقد يقتضي دلالتها على الإنشاء ـ فلا بدّ من ملاحظته حتّى يتّضح ما هو الواقع ، فنقول : إنّ مادّة كلمة «بعت» ـ أي البيع ـ وضعت للمعنى المشترك بين جميع الهيئات المشتقّة ، وأمّا هيئتها فلا إشكال في عدم كونها من الألفاظ المهملة ، بل لها أيضا وضع كسائر الألفاظ المشتقّة ، وحينئذ فيحتمل أن يكون بصورة تعدّد الوضع بأنّها وضعت تارة للمعني الإنشائي إذا استعملت في مقام إنشاء التمليك والنقل والانتقال ، واخرى للمعنى الإخباري إذا استعملت في مقام الحكاية عمّا مضى ، كما هو الحقّ ، ويحتمل أن يكون بالوضع الواحد بصورة المشترك المعنوي للقدر المشترك بين الإنشاء والإخبار ، فنحتاج إلى القرينة المعيّنة في مقام الاستعمال ، وهي قد تكون عبارة عن السياق ، وقد تكون غيره من القرائن الاخرى ، ولا مانع منه بحسب بادئ النظر.
ولكن قلنا : إنّ الوضع في باب الحروف عامّ والموضوع له خاصّ ، بمعنى لحاظ الواضع كلّي الابتداء ـ مثلا ـ ثمّ وضع لفظ «من» لمصاديقه ، بخلاف