ما ذكره صاحب الكفاية رحمهالله ، وللهيئة أيضا عنوان حرفي مثل كلمة «من» والهيئات من ملحقات الحروف في باب الوضع ، والمعنى الحرفي مساوق الجزئيّة والفرديّة والتشخّص والمصداقيّة الواقعيّة الخارجيّة لا الذهنيّة ، فلا يمكن وضع هيئة «بعت» للقدر المشترك والجامع بين الإنشاء والإخبار ؛ إذ الجامع معنى اسمي ، وليس لمصاديق الابتداء جامع بل لا يصوّر سوى مفهوم الابتداء ، وهو معنى اسمي ، فالقدر المشترك من العناوين الكلّيّة الاسميّة ، وما نشاهد في باب الحرف بعنوان الموضوع له عبارة عن المصاديق والأفراد ، فكيف يمكن أن يكون المصداق قدر الجامع؟ فلا بدّ من الالتزام بتعدّد الوضع ، بأنّ الواضع بعد ملاحظة كلّي البيع الإنشائي في المقام وضع كلمة «بعت» لمصاديقه ، ثمّ لاحظ كلّي البيع الإخباري ووضعها لمصاديقه ، فما ذكره من ارتباط الإنشاء والإخبار بالمداليل السياقيّة لا بالوضع والموضوع له ليس بتامّ.
وهكذا ما ذكره في ذيل كلامه ـ من ارتباط العلّيّة والمعلوليّة بين إيجاب الوضوء ، والوضوء الخارجي الضرري ، وأنّ إرادة العبد مقهورة لحكم المولى في عالم التشريع ـ ليس بصحيح ، فإنّ المشاهد في الخارج أنّ إطاعة الأمر بالوضوء ضرري ، ولا تحقّق نسبة العليّة التامّة والمعلوليّة بين الأمر وإطاعته ، وإلّا لم يتحقّق العصيان والمخالفة أصلا ، ولا العلّيّة الناقصة ، فإنّ معناها إيصال المطيع العلّيّة الناقصة بمرحلة الكمال وانسداد العاصي من تأثيرها ، وهو كما ترى.
والتحقيق في مسألة الإطاعة والعصيان : أنّ المكلّف بعد ملاحظة الأمر وترتّب الثواب على إطاعته والعقاب على مخالفته يختار طرف الإتيان به ، وقد