يختار طرف العصيان ؛ لعدم مبالاته في الدين أو اتّكالا على العفو والشفاعة والتوبة ، فلا يرتبط العصيان والإطاعة بالأمر ، بل يتحقّق بسبب الأمر موضوع للموافقة والمخالفة فقط ، ولا علّيّة له ، فكيف يمكن استناد الضرر المربوط بالإطاعة إلى الأمر وإيجاب الوضوء؟
وأمّا المثال المذكور في مسألة الإيلام والضرب ، أو القتل والضرب وأنّ ترتّب الإيلام على الضرب ترتّب علي ، مع عدم استقلالهما في الوجود ، وإطلاق أحدهما على الآخر شائع.
فيرد عليه : أوّلا : أنّ الاتّحاد في الوجود لا يرتبط بعالم الألفاظ والاستعمال ، سواء كان الاتّحاد فيه على الدوام أو أحيانا ، ولا يسري الاتّحاد الوجودي إلى عالم المفاهيم ، وإلّا يجوز استعمال لفظ الإنسان مكان لفظ الضاحك أو بالعكس ، لاتّحادهما من حيث الوجود دائما ، ويجوز استعمال لفظ الغصب مكان الصلاة أو بالعكس ، لاتّحادهما من حيث الوجود أحيانا.
وثانيا : لو سلّمنا أنّ إطلاق أحدهما على الآخر شائع ، لكنّ الشياع هل يكون بنحو الحقيقة أو بنحو المجاز؟ والأوّل لا طريق لإثباته ، والثاني خلاف المدّعى ، فما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله من دلالة «لا ضرر» على نفي الحكم الضرري بالدلالة الحقيقيّة لا بالمسامحة ولا بالحقيقة الادّعائيّة ليس بتامّ ، كما لا يخفى.
وقال صاحب الكفاية رحمهالله : «إنّ الأصل الأوّلي في مثل قوله : «لا ضرر ولا ضرار» هو نفي الماهيّة والحقيقة ، إلّا أنّه قد يكون بنحو الحقيقة كما في مثل «لا رجل في الدار» ، وقد يكون بنحو الادّعاء والكناية بلحاظ عدم تحقّق الحكم أو الصفة المترقبة عن مدخول «لا» ، مثل قوله : «يا أشباه الرجال ولا رجال» ،