وقوله : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد».
ولا يخفى أنّ نفي أوصاف الرجوليّة ـ كالشجاعة والسخاوة وأمثال ذلك ـ وإن كان صحيحا ، ولكنّه لا يكون واجدا للخصوصيّة البلاغيّة ، وأمّا نفى الماهيّة والحقيقة بلحاظ فقدان الآثار والأوصاف فلا بأس في واجديّته للمرتبة الكاملة من البلاغة ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، كما إذا قلنا : لا قمار في الإسلام ، لا سرقة في الإسلام ، لا أكل مال بالباطل في الإسلام» (١).
هذا حاصل ما يستفاد من الكفاية وحاشية الرسائل في المقام.
ويرد عليه : أنّ هذا البيان صحيح وقابل للالتزام في مثل «لا صلاة ، ولا رجال» ، فإنّ موضوعيّة ماهيّة الصلاة للأحكام والآثار ـ كالمعراجيّة مثلا ـ لا شبهة فيها ، وهكذا موصوفيّة ماهيّة الرجل للأوصاف ، فيصحّ نفي الماهيّة بنحو الحقيقة الادّعائيّة بلحاظ فقدان الآثار والأوصاف ، بخلاف مثل قوله : «لا ضرر» ؛ فإنّ ماهيّة الضرر لا تكون موضوعة للآثار والأحكام كما لا يخفى ، والموضوع لها هو الوضوء الضرري ، ولزوم المعاملة الغبنيّة ونحو ذلك ، والمنفي هو الضرر ، بما أنّه عنوان الضرر ، فلا أحكام في البين حتّى تكون نفي الماهيّة بلحاظ فقدانها.
أمّا القول بالمجازيّة بعلاقة السببيّة والمسببيّة بإطلاق لفظ الضرر الموضوع للمسبّب في السّبب بنحو المجاز والمسامحة ، وكون المراد من نفي الضرر هو نفي الحكم الضرري ، فهو أيضا ليس بصحيح بعد إنكار أصل السببيّة ، كما مرّ في الجواب عن المحقّق النائيني رحمهالله.
وأمّا القول بالمجاز في الحذف والتقدير وكون معنى قوله : «لا ضرر» أنّ كلّ
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٦٨.