إلّا أن يكون التخصيص متّصلا ، وهو في الحقيقة ليس بتخصيص ، بل إطلاق هذا العنوان عليه يكون من باب المسامحة.
ولكنّ المحقّق النائيني رحمهالله بعد الجواب عمّا ذكره الشيخ الأنصاري رحمهالله ذكر طريقين للتخلّص عن إشكال تخصيص الأكثر.
الطريق الأوّل : أنّ بعد مقايسة قوله : «لا ضرر» مع الأدلّة الأوّليّة نلتفت إلى تخصيصه لها بعنوان الحكومة ، فإنّ لسانه بالنسبة إليها لسان التوضيح والتفسير ، ولكنّ الحكومة فيما كان الحكم بمقتضى طبعه مستلزما للضرر أحيانا لا دائما مثل حكومته على دليل وجوب الوضوء ؛ لأنّه قد يكون ضرريّا ، وقد يكون غير ضرري وصار محدودا بمورد غير ضرري بواسطة حكومته عليه ، بخلاف ما إذا كان الحكم بمقتضى طبعه متمحّضا في الضرر ، فلا تتحقّق هنا حكومة ، بل النسبة بينهما عبارة عن التعارض ، وكان سائر الأدلّة مقدّما عليه.
الطريق الثاني : أنّ أكثر الموارد المذكورة بعنوان المتمحّض في الضرر ليس بصحيح ، كالحكم بالضمان في مورد إتلاف مال الغير ، فإنّ جبران ما أتلف باختياره ومباشرته لا يكون ضرريّا ، وكذا الحكم بالدية في مورد القتل العمدي أو الخطائي ، والحكم بإعطاء الزكاة بعد ما جعل الشارع سهما للفقراء في الأموال ، فكيف يكون الحكم بإعطاء الشريك سهم شريكه ضرريّا؟ نعم ، في مثل باب الجهاد والحجّ مستلزم للضرر وتحمّل المشقّات الكثيرة بدون أيّ عنوان آخر ، ولكنّه لا يكون موجبا لتحقّق عنوان تخصيص الأكثر (١).
وأجاب سيّدنا الاستاذ الامام رحمهالله عن الطريق الثاني بجوابين :
__________________
(١) قاعدة لا ضرر دروس الفقيه العظيم النائيني : ١٥٢ ـ ١٥٣.