الأوّل : أنّه سلّمنا أنّ بعد فرض كون الفقراء شركاء في باب الزكاة لا يكون إعطاء سهم الشريك ضرريّا ، إلّا أنّ أصل جعل الحكم بشركة الفقراء ضرري ، وهكذا الحكم بالضمان في مورد إتلاف مال الغير عالما عامدا ليس بضرري ، ولكنّ الحكم بالضمان على النائم المتلف وغير الملتفت عن غير اختيار لا إشكال في كونه ضرريّا ، فلا يكون أكثر الموارد خارجا عن عنوان الضرر.
الثاني : أنّ العموم قد يكون قابلا وصالحا للتخصيص ، وتخصيص الأكثر فيه يكون مستهجنا ، وقد يكون آبيا عن التخصيص ، كالقواعد الواردة في مقام الامتثال ، مثل حديث الرفع ، وقاعدة لا حرج ، وغير ذلك ؛ لمنافاتها مع أصل التخصيص ، وقاعدة لا ضرر أيضا من هذا القبيل ، وكلمة «على مؤمن» في بعض الروايات شاهد على ورودها في مقام الامتنان ، فيكون سياقها آبيا عن تخصيص فضلا عن تخصيص الأكثر (١).
أمّا الجواب عن الطريق الأوّل ، فإنّ نتيجته الوقوع فيما فر منه ؛ إذ بعد وقوع التعارض بين دليل نفي الضرر ودليل وجوب الزكاة والخمس بلحاظ نفي الأوّل جنس الحكم الضرري بعنوان المطلق ، وإثبات الثاني الحكم الضرري الخاصّ في مورد ، فلا بدّ من كونه مخصّصا له ، فيعود الإشكال بقوّته ، فإذا كان معنى قوله : «لا ضرر» نفي الحكم الضرري يكون مستلزما لإشكال تخصيص الأكثر ، وهو غير قابل للجواب ، كما لا يخفى.
وأسند الشيخ الأنصاري رحمهالله معنى آخر لقوله : «لا ضرر» إلى بعض الفحول ، وقال : «هذا أردأ الاحتمالات وأضعفها ، وهو : أنّ معناه نفي الضرر ، لا نفي
__________________
(١) بدائع الدّرر في قاعدة نفي الضرر : ٨٩ ـ ٩٠.