الأوّل : أنّه لا يمكن الجمع بين هذا التعريف وجعل النزاع في هذا الباب بأنّه هل الاستصحاب حجّة أم ليس بحجّة؟ فإنّ معناه أنّ إبقاء عمل المكلّف ودوامه على إتيان صلاة الجمعة ـ مثلا ـ في عصر الغيبة حجّة أم لا؟ أو أنّ حكم الشارع ببقاء ما كان حجّة أم لا؟ أو أنّ حكم العقل بالبقاء هل هو حجّة أم لا؟ بناء على الاحتمالات المذكورة ، وهذا ممّا لا يصحّ ولا يمكن القول به.
فإن كان المأخوذ في عنوان النزاع كلمة الحجّة فلا بدّ من جعل الاستصحاب من الطرق والأمارات ، والبحث بأنّ اليقين الملحوق بالشكّ هل هو حجّة أم لا؟ كما أنّه على القول بكونه قاعدة لتحفّظ الواقع يصحّ البحث بأنّ احتمال بقاء الشكّ المسبوق باليقين حجّة أم لا؟ بمعنى أنّه منجّز للواقع على تقدير الإصابة ، ومعذّر على تقدير عدم الإصابة ، فلا مناسبة بين تعريف الاستصحاب بإبقاء ما كان وجعل النزاع في حجّيّته.
الثاني : أنّه لا يمكن الجمع بين هذا التعريف وجعل النزاع في باب الاستصحاب من المسائل الاصوليّة ، بمعنى وقوعه في قياس استنباط الأحكام على القول بكون الإبقاء بمعنى جري المكلّف ودوامه على طبق الحالة السابقة ؛ إذ لا بدّ على هذا من تشكيل القياس بأنّ «وجوب صلاة الجمعة مشكوك البقاء ، والمكلّف يعمل ويأتي بصلاة الجمعة في عصر الغيبة ، فصلاة الجمعة واجبة في عصر الغيبة» وما يستفاد من هذا القياس لا يكون حكما شرعيّا.
نعم ، على القول بكون الإبقاء حكما شرعيّا يصحّ وقوع الاستصحاب في قياس استنباط الحكم الشرعي ، وتشكيل القياس بأنّ «وجوب صلاة الجمعة مشكوك البقاء ، وحكم الشارع ببقاء ما كان في السابق ، فوجوب صلاة الجمعة