بكونه حراما ، ولا يعلم أنّ المناط الحقيقي فيه باق في زمان الشكّ أو مرتفع ـ إمّا من جهة جهل المناط أو من جهة الجهل ببقائه مع معرفته ـ فيستصحب الحكم الشرعي.
وحاصل كلامه التفصيل في جريان الاستصحاب وعدمه في الحكم الشرعي المستفاد من العقل أو الملازمة العقليّة ـ مثل : كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ـ والمستفاد من الأدلّة الثلاثة الاخرى.
واستشكل عليه المحقّق النائيني قدسسره بقوله (١) : ولكنّ للنظر فيه مجال ، أمّا أوّلا فلأنّ دعوى كون كلّ خصوصيّة أخذها العقل في موضوع حكمه لا بدّ وأن يكون لها دخل في مناط حكمه واقعا ممنوعة ؛ بداهة أنّه ربّما لا يدرك العقل دخل الخصوصيّة في مناط الحسن والقبح واقعا ، وإنّما أخذها في الموضوع لمكان أنّ الموضوع الواجد لتلك الخصوصيّة هو المتيقّن في قيام مناط الحسن أو القبح فيه ، مع أنّه يحتمل واقعا أن لا يكون لها دخل في المناط.
مثلا : يمكن أن يكون حكم العقل بقبح الكذب الضارّ الذي لا يترتّب عليه نفع للكاذب ولا لغيره ، إنّما هو لأجل أنّ الكذب المشتمل على هذه الخصوصيّات هو القدر المتيقّن في قيام مناط القبح فيه ، مع أنّه يحتمل أن لا يكون لخصوصيّة عدم ترتّب النفع دخل في القبح ، بل يكفي في القبح مجرّد ترتّب الضرر عليه وإن لزم منه حصول النفع للكاذب أو لغيره ؛ والحكم الشرعي المستكشف من حكم العقل إنّما يدور مدار ما يقوم به مناط القبح واقعا ، فيمكن بقاء الحكم الشرعي مع انتفاء بعض الخصوصيّات التي أخذها العقل في الموضوع من باب القدر المتيقّن ؛ لاحتمال أن لا يكون لتلك الخصوصيّة
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٢١.