دخل فيما يقوم به الملاك واقعا فيكون وزان الحكم الشرعي المستفاد من الحكم العقلي وزان الحكم الشرعي المستفاد من الكتاب والسنّة ، يصحّ استصحابه عند الشكّ في بقائه ؛ لأجل زوال بعض خصوصيّات الموضوع التي لا تضرّ بصدق بقاء الموضوع واتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة عرفا.
والتحقيق : أنّ المراد من العقل هنا ليس عقول الأنبياء والأولياء المحيطة بكلّ الأشياء ، بل المراد منه العقول البشريّة العاديّة الناقصة التي تدرك بعض الأشياء ، وبالنسبة إلى بعض الأشياء ، لها حالة الإبهام والإجمال ، ومع فقد بعض الخصوصيّات من الموضوع يحصل لها الشكّ في البقاء ، فيتحقّق مجرى الاستصحاب ، كما قال به المحقّق النائيني رحمهالله.
والإشكال الثاني الذي أورد عليه هو ما ذكره بقوله : «وثانيا : سلّمنا أنّ كلّ خصوصيّة أخذها العقل في موضوع حكمه لها دخل في مناط الحكم بنظر العقل ويكون بها قوام الموضوع ، إلّا أنّه يمكن أن يكون ملاك الحكم الشرعي قائما بالأعمّ من الواجد لبعض الخصوصيّات والفاقد لها ؛ فإنّ حكم العقل بقبح الواجد لجميع الخصوصيّات لا ينحلّ إلى حكمين : حكم إيجابي ، وهو قبح الكذب الضارّ الغير النافع ، وحكم سلبي ، وهو عدم قبح الكذب الفاقد لوصف الضرر ؛ فإنّه ليس للحكم العقلي مفهوم ينفي الملاك عمّا عدا ما استقلّ به ، فيمكن أن يكون لخصوصيّة الضرر دخل في مناط حكم العقل بقبح الكذب ؛ من دون أن يكون لها دخل في مناط الحكم الشرعي بحرمة الكذب ؛ إذ من الممكن أن يكون موضوع الحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي أوسع من موضوع الحكم العقلي.
وحاصله : أنّه من الممكن أن يكون مناط الحكم بنظر الشارع أوسع من