عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ الَّذِي أَتى أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام وَكَانَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « لَا يَخْلُو قَوْلُكَ : « إِنَّهُمَا اثْنَانِ » مِنْ أَنْ يَكُونَا قَدِيمَيْنِ قَوِيَّيْنِ ، أَوْ يَكُونَا ضَعِيفَيْنِ ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَوِيّاً وَالْآخَرُ ضَعِيفاً ، فَإِنْ كَانَا قَوِيَّيْنِ ، فَلِمَ لَايَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، وَيَتَفَرَّدَ (١) بِالتَّدْبِيرِ (٢)؟ وَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِيٌّ ، وَالْآخَرَ ضَعِيفٌ ، ثَبَتَ أَنَّهُ وَاحِدٌ كَمَا نَقُولُ ؛ لِلْعَجْزِ الظَّاهِرِ فِي الثَّانِي.
فَإِنْ قُلْتَ : إِنَّهُمَا اثْنَانِ ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَا مُتَّفِقَيْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ (٣) ، أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ (٤) مِنْ كُلِّ جِهَةٍ (٥) ، فَلَمَّا رَأَيْنَا الْخَلْقَ مُنْتَظِماً ، وَالْفَلَكَ جَارِياً ، وَالتَّدْبِيرَ وَاحِداً ، وَاللَّيْلَ (٦) وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، دَلَّ صِحَّةُ الْأَمْرِ وَالتَّدْبِيرِ ، وَائْتِلَافُ الْأَمْرِ عَلى أَنَّ الْمُدَبِّرَ وَاحِدٌ.
ثُمَّ يَلْزَمُكَ ـ إِنِ ادَّعَيْتَ اثْنَيْنِ ـ فُرْجَةٌ مَّا بَيْنَهُمَا حَتّى يَكُونَا اثْنَيْنِ ، فَصَارَتِ الْفُرْجَةُ ثَالِثاً بَيْنَهُمَا ، قَدِيماً مَعَهُمَا ، فَيَلْزَمُكَ ثَلَاثَةٌ ، فَإِنِ ادَّعَيْتَ ثَلَاثَةً ، لَزِمَكَ مَا قُلْتُ (٧) فِي الِاثْنَيْنِ حَتّى يَكُونَ (٨) بَيْنَهُمْ فُرْجَةٌ (٩) ، فَيَكُونُوا
__________________
و « الفُقَيمي » : منسوب إلى فقيم بن دارم بن مالك بن حنظلة. وقيل : فُقَيم بن جرير بن دارم. راجع : اللباب في تهذيب الأنساب ، ج ٢ ، ص ٤٣٧.
(١) في « ب ، ض » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « ينفرد ». وقوله : « يتفرّد » إن كان مرفوعاً ، فهوعطف على المنفيّ ، أي لايتفرّد. وفسّره الشيرازي بما يقتضي نصبه ، أي حتّى يتفرّد. ويجوز أن يكون الواو واوَ المعيّة. راجع : النحو الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٥٦.
(٢) في حاشية « ج » : + « والربوبيّة » وفي الاحتجاج : « وينفرد بالربوبيّة ».
(٣) في « بر » وحاشية : « بح » والوافي : « وجه ».
(٤) في « ألف ، ب » : « متفرّقين ».
(٥) في مرآة العقول : « في بعض النسخ : من جهة ».
(٦) في التوحيد ، ص ٢٤٣ والاحتجاج : « واختلاف الليل » بدل « والتدبير واحداً والليل ». واعلم أنّ المفعول الثاني بعد كلمة « القمر » محذوف وهو « تتعاقب » مثلاً أو « متعاقباتٍ ».
(٧) في « ب ، بح » وحاشية « بر ، بف » : « قلته ». وفي التوحيد ، ص ٢٤٣ : « قلنا ». وما قاله الإمام عليهالسلام هو لزوم وجودالمثنِّي والمميّز ، فلابدّ هنا من وجود المثلِّث وهو عبارة عن الفرجتين ، فالمراد بالفرجة هو جنس الفرجة.
(٨) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي ومرآة العقول والتوحيد ، ص ٢٤٣. وفي المطبوع وشرح المازندراني : « تكون ».
(٩) في مرآة العقول : « فرجتان ».