وَقَالَ : ( وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) وَقَالَ : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (٢) وَقَالَ : ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٣) وَقَالَ : ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٤) وَقَالَ : ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٥) وَقَالَ : ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (٦) وَقَالَ : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٧).
يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) (٨) يَعْنِي عَقْلٌ ، وَقَالَ : ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ) (٩) قَالَ : الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ.
يَا هِشَامُ ، إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ : تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ ، وَإِنَّ الْكَيْسَ (١٠) لَدَى (١١) الْحَقِّ يَسِيرٌ (١٢) ، يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا (١٣)
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٧.
(٢) آل عمران (٣) : ١٩٠.
(٣) الرعد (١٣) : ١٩.
(٤) الزمر (٣٩) : ٩.
(٥) ص (٣٨) : ٢٩.
(٦) غافر (٤٠) : ٥٣ ـ ٥٤.
(٧) الذاريات (٥١) : ٥٥.
(٨) ق (٥٠) : ٣٧.
(٩) لقمان (٣١) : ١٢.
(١٠) « الكيْس » يقرأ بوجهين : بفتح الكاف وسكون الياء ، بمعنى العقل والفطانة ، وهو مختار السيّد الداماد وصدرالمتألّهين ؛ وبفتح الكاف وكسر الياء المشدّدة بمعنى ذي الكيس ، وهو مختار الفيض والمازندراني. و « اليسير » : القليل ، أو الهيّن ومقابل العسير.
والمعنى على الوجه الأوّل : أنّ فطانة الإنسان وعقله سهلٌ هيّنٌ عند الحق لا قَدْر له ؛ أو إدراكه عنده قليل. وعلى الثاني : العاقل الذي يعمل بمقتضى عقله عند ظهور الحقّ قليل ، أو منقاد له غير صعب ولا عسير. واحتمل العلاّمة المجلسي كون « يسير » على كلا الوجهين فعلاً. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٧ ـ ٢١٨ ( كيس ) ؛ وج ٥ ، ص ٢٩٥ ( يسر ) وشروح الكافي.
(١١) في « بح » : « لذي ».
(١٢) في حاشية « ض ، بح » : « أسير ».
(١٣) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ب ، بر » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « فيه ».