وَلَمْ يُطِعِ اللهَ بِإِكْرَاهٍ ، وَلَمْ يَعْصِهِ بِغَلَبَةٍ (١) ». (٢)
٤١٦ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعاً ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ (٣) ، فَقَالَ (٤) : « أَتَسْتَطِيعُ (٥) أَنْ تَعْمَلَ مَا لَمْ
__________________
(١) في « بس » : « بغلبته ». وفي فقه الرضا : « بقلبه ». وقال العلاّمة الطباطبائي قدسسره : « لا ريب أنّ كلّ أمر خارجي ـ ومنها أفعال الإنسان ـ لا يوجد ما لم يوجد جميع أجزاء علّته التامّة وما يحتاج إليه في وجوده ، فإذا وجدت جميعاً ولم يبق ممّا يحتاج إليه وجوده شيء في العدم وجب وجوده ، وإلاّ كان وجود علّته التامّة وعدمها بالنسبة إليه على السواء ، مثلاً إذا نسب أكل لقمة من الغذاء إلى الإنسان ، وفرض وجود الإنسان وصحّة أدوات التغذي ، ووجود الغذاء بين يديه ، ووجود الإرادة الحتميّة ، وعدم شيء من الموانع مطلقاً ، وجب تحقّق الأكل وكان بالضرورة ، فهذه نسبة الفعل وهو الأكل مثلاً إلى مجموع علّته التامّة ، وأمّا نسبة الفعل كالأكل مثلاً إلى الإنسان المجهّز بآلة الفعل فقط لا إلى مجموع أجزاء العلّة مع فرض وجودها ، فهي نسبة الإمكان والاستعداد التامّ الذي لايفارق الفعل لفرض وجود بقيّة أجزاء العلّة ، وإن لم تكن النسبة إلى جميعها بل إلى الإنسان فقط وهي المسمّاة بالاستطاعة ، فالإنسان مع فرض جميع ما يتوقّف عليه يستطيع أن يأكل بالإرادة وأن لا يأكل بعدمها ؛ وأمّا نسبة الفعل إلى الإنسان مع فرض عدم وجود جميع أجزاء العلّة كنسبة الأكل إلى الإنسان حيث لا غذاء عنده ، ومباشرة النساء حيث لامرأة ، فهي الإمكان والاستعداد الضعيف الناقص ، ولا تسمّى استطاعة ، فالإنسان لايستطيع أن يأكل حيث لا غذاء ، ولا أن يباشر حيث لامرأة ؛ فقوله عليهالسلام في هذه الروايات : « إنّ الاستطاعة مع الفعل » يريد به الاستعداد التامّ الذي لا واسطة بينه وبين الفعل والترك إلاّ إرادة الإنسان ، وأمّا مطلق إمكان الفعل والقدرة عليه ، فليس بمراد ، وليس هذا من قول الأشاعرة : « إنّ القدرة على الفعل توجد مع الفعل لا قبله » في شيء ؛ فإنّه مذهب فاسد كما بيّن في محلّه ، وبالتأمّل في ما ذكرناه يظهر معنى سائر روايات الباب ، والله الهادي ».
(٢) التوحيد ، ص ٣٤٨ ، ح ٧ ، بسنده عن عليّ بن أسباط. وفي فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٥٢ ؛ والاعتقادات للصدوق ، ص ٣٨ ، مرسلاً مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٤٥١.
(٣) اختلف في أنّ الاستطاعة والقدرة هل هما في العبد قبل الفعل أو معه ، فذهبت الإماميّة والمعتزلة إلى الأوّل ، وهو الحقّ ؛ لكونه ضروريّة ، والأشاعرة إلى الثاني. وظاهر الحديث موافق لمذهب الأشاعرة فيحتاج إلى التأويل ، إمّا بحمله على التقيّة ، أو غيره. وكذا الآتية. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٤١٩ ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٥٠ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢١٥.
(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : + « أبو عبدالله عليهالسلام ».
(٥) في « ب » : « أنت تستطيع ». وفي « بف » : « تستطيع » بدل « أتستطيع ».