بِعَظَمَتِهِ تَفَرَّدَ بِالْمَلَكُوتِ ، وَبِقُدْرَتِهِ تَوَحَّدَ بِالْجَبَرُوتِ ، وَبِحِكْمَتِهِ أَظْهَرَ حُجَجَهُ عَلى خَلْقِهِ.
اخْتَرَعَ (١) الْأَشْيَاءَ إِنْشَاءً ، وَابْتَدَعَهَا ابْتِدَاءً (٢) بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ (٣) ، لَامِنْ شَيْءٍ ؛ فَيَبْطُلَ الاخْتِرَاعُ ، ولَالِعِلَّةٍ ؛ فَلَا يَصِحَّ الْابْتِدَاعُ. خَلَقَ مَاشَاءَ كَيْفَ شَاءَ مُتَوَحِّداً (٤) بِذلِكَ ؛ لِإِظْهَارِ حِكْمَتِهِ ، وَحَقِيقَةِ رُبُوبِيَّتِهِ.
لَا تَضْبِطُهُ (٥) الْعُقُولُ ، وَلَا تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ مِقْدَارٌ.عَجَزَتْ دُونَهُ الْعِبَارَةُ ، وَكَلَّتْ دُونَهُ الْأَبْصَارُ ، وضَلَّ فِيهِ تَصَارِيفُ الصِّفَاتِ. (٦)
احْتَجَبَ بِغَيْرِ حِجَابٍ مَحْجُوبٍ (٧) ، وَاسْتَتَرَ بِغَيْرِ سِتْرٍ مَسْتُورٍ ، عُرِفَ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ (٨) ،
__________________
(١) الاختراع والابتداع لفظان متقاربان في المعنى ، وهو إيجاد الشيء لا عن أصل ولا على مثال ولا لعلّة مادّية أوفاعليّة ، وكثر استعمال الاختراع في الأوّل والابتداع في الثاني ، فلو كان الإيجاد على مثال لبطل الاختراع ، ولو كان لعلّة لبطل الابتداع. وللمزيد راجع : الرواشح ، ص ٣٥ ـ ٣٩ ؛ شرح صدر المتألّهين ، ص ٦ ؛ حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٢ ؛ شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٩ ـ ١٠.
(٢) هكذا في أكثر النسخ ، لكن في « بو » : « ابتدعها ابتداعاً » ، وفي رواية عن الإمام الرضا عليهالسلام أنّه قال : « ... ومبتدعها ابتداعاً ». انظر : الكافي ، كتاب التوحيد ، باب النهي عن الصورة والجسم ، ح ٢٨٧.
(٣) في « بح » : « وبحكمته ».
(٤) في حاشية « بر » : « فتَوَحَّد ».
(٥) في حاشية « بح » : « لا تطيقه ».
(٦) قال السيّد الداماد في الرواشح ، ص ٤١ : « أي ضلّ في طريق نعته نعوت الناعتين وصفات الواصفين بفنون تصاريفها وأنحاء تعبيراتها ، أي كلّما حاولوا أن يصفوه بأجلّ ما عندهم من صور الصفات الكماليّة ، وأعلى ما في عقولهم من مفهومات النعوت الجمالية ، فإذا نظروا إليه وحقّقوا أمره ظَهَرَ لهم أنّ ذلك دون وصف جلاله وإكرامه وسوى نعوت جماله وإعظامه ، ولم يصفوه بما هو وصفه ولم ينعتوه كما هو حقّه ، بل رجع ذلك إلى وصف أمثالهم وأشباههم من الممكنات ». ونحوه في شرح صدر المتألّهين ، ص ٧ ؛ شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ١١ ـ ١٢.
(٧) في « ف » : « محجوبٌ و ... مستورٌ » بالرفع ، خبر لمبتدأ محذوف.
وقد ذكر أكثر شرّاح الكافي احتمالَي الرفع والجرّ في شروحهم ، ورجّحوا احتمال جَرِّه بالتوصيف كما هو رأي السيّد الداماد ، أو بالإضافة بمعنى اللام كما هو رأي الصدر الشيرازي. وقس عليه « مستور ».
(٨) في « ف » : « رويّة » بمعنى البرهان والنظر ، واستبعد ذلك في مرآة العقول ، لكنّ بقيّة الشرّاح اعتمدوا كلمة « رويّة » في شروحهم وأشاروا إلى كلمة « رؤية » أثناء الشرح.