خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، الْمُتَعَقِّبُ (١) عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ كَالْمُتَعَقِّبِ عَلَى اللهِ وَعَلى رَسُولِهِ ، وَالرَّادُّ عَلَيْهِ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللهِ ؛ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام بَابَ اللهِ الَّذِي لَايُؤْتى إِلاَّ مِنْهُ ، وَسَبِيلَهُ الَّذِي مَنْ سَلَكَ بِغَيْرِهِ هَلَكَ (٢) ، وَكَذلِكَ يَجْرِي (٣) لِأَئِمَّةِ الْهُدى وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ (٤) ، جَعَلَهُمُ اللهُ أَرْكَانَ الْأَرْضِ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا (٥) ، وَحُجَّتَهُ الْبَالِغَةَ عَلى مَنْ فَوْقَ الْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى (٦).
وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ كَثِيراً مَا يَقُولُ : أَنَا قَسِيمُ اللهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَأَنَا الْفَارُوقُ (٧) الْأَكْبَرُ ، وَأَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَمِ (٨) ، وَلَقَدْ أَقَرَّتْ لِي جَمِيعُ
__________________
(١) « المتعقّب » ، أي الطاعن والمعترض والشاكّ ، تقول : تعقّبت عن الخبر ، إذا شككت فيه وعُدْتَ للسؤال عنه. أوالمتأمّل والمتدبّر في حقيقته ، تقول : تعقّبتُ الأمر ، إذا تدبّرتَه. أو الطالب للعثرة والعورة والمُعيّب ، يقال : تعقّبه ، إذا طلب عثرته وعورته. أو المتأخّر ، بمعنى أنّه تأخّر عنه ولم يلحق به. انظر : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦١٧ ـ ٦١٩ ( عقب ) ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٦٦.
(٢) في « ب » : « لهلك ». وفي « ج ، ض ، بر ، بف » : « يهلك ».
(٣) في « ض » : « تجري ». وفي البصائر ، ص ٢٠٠ : « جرى على الأئمّة ». وضمير « يجري » راجع إلى « الفضل ».
(٤) في « ض ، و » : « واحد بعد واحد ».
(٥) « أن تميد بأهلها » ، أي تتحرّك وتميل بهم. يقال : ماد الشيءُ يميد ميداناً ، أي تحرّك وزاغ واضطرب. انظر : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ١٤٧ ( ميد ).
(٦) « الثرى » : التراب النديّ ، أي المرطوب ، وهو الذي تحت الظاهر من وجه الأرض ، فإن لم يكن نديّاً فهو تراب. أو التراب وكلّ طين لايكون لازباً إذا بُلّ. انظر : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٢٣٩ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ٧٢ ( ثرو ).
(٧) في « ف » : « الفارق ».
(٨) « المِيسَم » : هي الحديدة التي يكوى بها. وأصله : مِوْسَم ، فقلبت الواو ياءً لكسرة الميم. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٦ ( وسم ). وقال الفيض في الوافي : « لمّا كان بحبّه وبغضه عليهالسلام يتميّز المؤمن من المنافق ، فكأنّه كان يسم علي جبين المنافق بكيّ النفاق ». وفي حاشية بدرالدين ، ص ١٤٥ : « رأيت في نسخة معتبره مقروءة علي عدّة من الشيوخ تفسيرالميسم بخاتم سليمان عليهالسلام ، وكأنّه إشارة إلى ما سيأتي من أنّ علامة الإمام عليهالسلام أن يكون عنده آيات الأنبياء ، ومن جملتها عصا موسى وخاتم سليمان ؛ فعلى هذا قوله : أنا كذا ، أنا كذا يشير به إلى أنّي أنا الإمام المفترض الطاعة ، لاغيري من تيم وعدى. هذا ، والصواب أنّ المراد بالميسم الميسم الحقيقي ، وقد ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ عليهالسلام : « يخرجك الله في آخر الزمان بأحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك ». وانظر : تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ١٣٠.