حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ : « إِنَّ (١) أَوَّلَ الْأُمُورِ وَمَبْدَأَهَا وَقُوَّتَهَا وَعِمَارَتَهَا ـ الَّتِي لَايَنْتَفِعُ شَيْءٌ إِلاَّ بِهِ ـ الْعَقْلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ زِينَةً لِخَلْقِهِ وَنُوراً لَهُمْ ، فَبِالْعَقْلِ عَرَفَ الْعِبَادُ خَالِقَهُمْ ، وَأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ ، وَأَنَّهُ الْمُدَبِّرُ لَهُمْ ، وَأَنَّهُمُ الْمُدَبَّرُونَ ، وَأَنَّهُ الْبَاقِي وَهُمُ الْفَانُونَ ، وَاسْتَدَلُّوا بِعُقُولِهِمْ عَلى مَا رَأَوْا مِنْ خَلْقِهِ : مِنْ سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ وَشَمْسِهِ وَقَمَرِهِ وَلَيْلِهِ وَنَهَارِهِ ، وَبِأَنَّ لَهُ (٢) وَلَهُمْ خَالِقاً وَمُدَبِّراً لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزُولُ ؛ وَعَرَفُوا بِهِ الْحَسَنَ مِنَ الْقَبِيحِ ، وَأَنَّ الظُّلْمَةَ فِي الْجَهْلِ ، وَأَنَّ النُّورَ فِي الْعِلْمِ ، فَهذَا مَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْعَقْلُ ».
قِيلَ لَهُ : فَهَلْ يَكْتَفِي الْعِبَادُ بِالْعَقْلِ دُونَ غَيْرِهِ؟
قَالَ : « إِنَّ الْعَاقِلَ لِدَلَالَةِ عَقْلِهِ ـ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ قِوَامَهُ وَزِينَتَهُ وَهِدَايَتَهُ ـ عَلِمَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّهُ ، وَعَلِمَ أَنَّ لِخَالِقِهِ مَحَبَّةً ، وَأَنَّ لَهُ كَرَاهِيَةً (٣) ، وَأَنَّ لَهُ طَاعَةً ، وَأَنَّ لَهُ مَعْصِيَةً ، فَلَمْ يَجِدْ عَقْلَهُ يَدُلُّهُ عَلى ذلِكَ (٤) ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَايُوصَلُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِالْعِلْمِ وَطَلَبِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ إِنْ لَمْ يُصِبْ ذلِكَ بِعِلْمِهِ ، فَوَجَبَ عَلَى الْعَاقِلِ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ الَّذِي لَا قِوَامَ لَهُ إِلاَّ بِهِ ».
٣٦ / ٣٦. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ حُمْرَانَ وَصَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ ، قَالَا :
سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ : « لَا غِنى أَخْصَبُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَلَا فَقْرَ أَحَطُّ مِنَ الْحُمْقِ ،
__________________
(١) يجوز فيه فتح الهمزة وكسرها.
(٢) كذا في « ف » والمطبوع ، والظاهر أنّ الصحيح « أنّ له » بدل « وبأنّ له ».
(٣) في « ف » : « كراهة ».
(٤) أي مصداق المحبوب والمبغوض ، وهذا معنى قولهم : الأحكام الشرعيّة ألطاف في الأحكام العقليّة.