وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ بِأَمْرِ جَبْرَئِيلَ فِيمَا أَمَرَ (١) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ قَالَ لَهُ : يَا عَلِيُّ ، تَفِي بِمَا فِيهَا ؛ مِنْ (٢) مُوَالَاةِ مَنْ وَالَى اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَالْبَرَاءَةِ وَالْعَدَاوَةِ لِمَنْ عَادَى اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ (٣) عَلَى الصَّبْرِ مِنْكَ ، وَ (٤) عَلى كَظْمِ الْغَيْظِ ، وَعَلى ذَهَابِ حَقِّكَ وَغَصْبِ (٥) خُمُسِكَ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِكَ؟
فَقَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللهِ.
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام : وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ (٦) وَبَرَأَ (٧) النَّسَمَةَ (٨) ، لَقَدْ سَمِعْتُ جَبْرَئِيلَ عليهالسلام يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يَا مُحَمَّدُ ، عَرِّفْهُ (٩) أَنَّهُ يُنْتَهَكُ (١٠) الْحُرْمَةُ ، وَهِيَ حُرْمَةُ اللهِ وَحُرْمَةُ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَعَلى أَنْ تُخْضَبَ لِحْيَتُهُ مِنْ رَأْسِهِ بِدَمٍ عَبِيطٍ (١١).
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام : فَصَعِقْتُ (١٢) حِينَ فَهِمْتُ الْكَلِمَةَ مِنَ الْأَمِينِ جَبْرَئِيلَ حَتّى سَقَطْتُ عَلى وَجْهِي ، وَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَبِلْتُ وَرَضِيتُ وَإِنِ انْتَهَكَتِ الْحُرْمَةُ ، وَعُطِّلَتِ
__________________
(١) في « ض ، ف ، بح ، بر » والوافي والبحار ، ج ٢٢ : « أمره ».
(٢) في « ب ، ف ، بح ، بف » وحاشية « بر » : « على ».
(٣) في مرآة العقول : « والبراءة منهم ، بالجرّ تأكيداً ، أو بالرفع على الابتداء ، والواو حاليّة. قوله : على الصبر ، خبر ، وعلى الأوّل حال عن فاعل تفي ».
(٤) في « ألف ، ب ، ض ، ف ، و ، بح ، بف » والوافي والبحار ، ج ٢٢ : ـ « و ».
(٥) في « ف ، بف » وحاشية « بح » : « غصبك ».
(٦) الفَلْقُ : شَقُّ الشيء ، وإبانة بعضِه عن بعض. يقال : فلقته فانفلق. قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) ». المفردات للراغب ، ص ٦٤٥ ( فلق ).
(٧) « بَرَأَ » : خلق لا عن مثال. قال ابن الأثير : « في أسماء الله تعالى الباري ، هو الذي خلق الخلق لا عن مثال ، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها غيره من المخلوقات ، وقلّما تستعمل في غير الحيوان فيقال : برأ الله النسمة ». النهاية ، ج ١ ، ص ١١١ ( برأ ).
(٨) « النَسَمَةُ » : النَفْس والروح ، وكلّ دابّة فيها روح فهي نسمة. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ ( نسم ).
(٩) في « ف » : « أعلمه ».
(١٠) في « ض » والوافي : « تنتهك ».
(١١) « العبيط من الدم » : الخالص الطَرِيّ. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٤٢ ( عبط ).
(١٢) في « ج » : « فضقت ». وقوله : « فَصَعِقْتُ » ، من صَعِقَ الرجلُ صَعْقَةً وتَصْعاقاً ، أي غُشِيَ عليه. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٠٧ ( صعق ).