أخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم بن جرير ، قال : حدّثني غير واحد من آل أبي محذورة ، أنّ أبا محذورة قال : قال لي رسول الله : إذهب فأذّن عند المسجد الحرام ، قال : قلت : كيف أؤذّن ؟ قال : فعلّمني الأذان اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر ... ثمّ ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلّا الله ... إلى أن يقول : الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح اللهُ أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله (١) .
وفيه أيضاً : قال ابن وهب : قال ابن جريج : قال عطاء ، ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم ، وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم ، وكان أبو محذورة يؤذّن على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى أدركه عطاء وهو يؤذّن (٢) .
أمّا الحنفية والحنابلة فقد أجابوا ما استدلّت به المالكية والشافعية ، ففي « ردّ المحتار على الدرر المختار » لابن عابدين :
الترجيع أن يخفض صوته بالشهادتين ، ثمّ يرجع فيرفعه بهما ، لاتّفاق الروايات على أنّ بلالاً لم يكن يرجع ، وما قيل أنّه رجع لم يصح ، ولأنّه ليس في أذان الملك النازل بجميع طرقه ، ولما في أبي داود عن ابن عمر قال : إنّما كان الأذان على عهد رسول الله مرّتين مرّتين والإقامة مرّة مرّة ، الحديث . ورواه ابن خزيمة وابن حبّان ، قال ابن الجوزي : وإسناده صحيح ، وما روي من الترجيع في أذان أبي محذورة يعارضه ما رواه الطبراني عنه أنّه قال : ألقى عليَّ رسول الله الأذان حرفاً حرفاً اللهُ أكبر الله أكبر ... إلى آخره ، ولم يذكر ترجيعاً وبقى ما قدّمناه بلا معارض وتمامه في الفتح (٣) .
______________________
(١) المدونة الكبرى ١ : ٥٧ .
(٢) المدونة الكبرى ١ : ٥٨ .
(٣) رد المحتار على الدر المختار ١ : ٢٥٩ .