استند الإمام مالك بن انس (ت ١٧٩ هـ) على شرعية التثويب بخبر أبي محذورة ، فقال في (المدونة الكبرى) :
أخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم بن جريح ، قال : حدثني غير واحد من آل أبي محذورة أن أبا محذورة قال : قال لي رسول الله : « اذهب فأذّن عند المسجد الحرام » .
قال : قلت : كيف أؤذن ؟
قال : فعلمني الأذان : الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، ثم قال : ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، أشهد أن محمّداً رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله(١) .
فقيَّدَ الإمام مالك كغيره جملة : (الصلاة خير من النوم) بالأولى من الصبح ، وعلق محقق المدونة على قوله : (في الأولى من الصبح) بقوله :
يحتمل أن تكون الثانية هي الإقامة ، والأولى هي أذان الصبح ، أي ما فعل في المرة الأولى وهو الأذان ، ويحتمل أن الأولى هو الأذان الأول من أذانَي الصبح (٢) ـ أي
______________________
(١) المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ـ ٥٨ ، باب ما جاء في الأذان .
(٢) المشهور عند أهل السنة بأن للفجر أذانين : أحدهما لايقاظ النائم ويؤتى به في الثلث الأخير من الليل والآخر إعلاماً لدخول الوقت ، فقد يكون مقصود الإمام مالك هو الاتيان به لما قبل الفجر ، لوحدة التعليل مع العلة ، وأن جملة الصلاة خير من النوم مع ايقاظ النائم وتوجهه للعبادة هي اقرب من أذان الفجر ، لأن الإنسان عند ذلك ليس بنائم حتى يقال له « الصلاة خير من النوم » .