لصلاة الليل المتقدم على أذان الصبح ـ لما في الحديث : إن بلالاً ينادي بليل فكلو واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم . وكان ابن أمّ مكتوم رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحتَ أصبحت .
وقد اختلف المسلمون في عهد الإمام مالك في شرعية التثويب والترجيع حتى نقل ابن وهب عن ابن جريج أنّه قال : قال عطاء : ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم ، وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم ، وكان أبو محذورة يؤذن على عهد النبي حتى أدركه عطاء وهو يؤذن (١) .
وفي موطّأ الإمام مالك ، عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه ، قال : ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه إلّا النداء بالصلاة (٢) .
ونقل الحطاب الرعيني عن مالك بأنّه يجيز ترك قول (الصلاة خير من النوم) لو كان في ضيعة لوحده بعيداً عن الناس ، وردّه صاحب (الطراز) ، فقال الرعيني : (الصلاة خير من النوم) يعني أنّه يثنيها وهذا مذهب المدونة وهو المشهور ، ومقابله لابن وهب يفردها .
قال في (التوضيح) : والمشهور قولها لمن يؤذّن في نفسه ... انتهى ، ويشير إلى قول مالك في مختصر ابن شعبان : فيمن كان في ضيعة متحيراً عن الناس فترك ذلك ؟ أرجو أن يكون في سعة .
وحمله اللخمي على الخلاف ، قال : وهذا القول أحسن ، لأنّه إنما يزيد ذلك في
______________________
(١) المدونة الكبرى ١ : ٥٨ .
(٢) موطأ مالك .