وإن قيل بأنّه شُرّع من بعده فهو إبداع وإحداث في الدين ، وهذا ما نريد الوصول إليه .
نعم ، لا نستبعد أذان بلال في الليل على نحو الإشعار والتنبيه ، وذلك هو نداء وليس بأذان شرعي .
قال العسقلاني في (فتح الباري) : وعلى هذا القيد يُحمَل ما روى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن مسعود وابن الزبير وغيرهما أنّهم كرهوا أن يكون المؤذّن أعمى .
وأمّا ما نقله الثوري عن أبي حنيفة وداود أنّ أذان الأعمى لا يصحّ ، فقد تعقّبه السروجي بأنّه غلط على أبي حنيفة ، نعم في (المحيط) للحنفية أنّه يُكره ... (١) .
ونقل النووي عن أبي حنيفة أنّ أذان الأعمى لا يصح ، قلت : هذا غلط ، لم يقل به أبو حنيفة وإنّما ذكر أصحابنا أنّه يُكره ، ذكره في (المحيط) وفي (الذخيرة) و (البدائع) غيرُه أحبّ ، فكأنّ وجه الكراهة لأجل عدم قدرته على مشاهدته دخول الوقت ، وهو في الأصل مبنيٌّ على المشاهدة (٢) .
وفي (المغني) لابن قدامة قال عن المؤذّن وما يجب أن يكون فيه : أن يكون عالماً بالأوقات ليتحرّاها فيؤذّن في أوّلها ، ولأنّها إذا لم يكن عالماً لا يُؤمَن منه الغلط والخطأ . ويستحبّ أن يكون بصيراً ، لأنّ الأعمى لا يعرف الوقت فربّما غلط .
______________________
(١) فتح الباري للعسقلاني ٢ : ٧٩ .
(٢) عمدة القاري ٥ : ١٢٨ .