« عدتُ رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الذي تُوفّي فيه ، فجاءه بلال يؤذّنه بالصلاة ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : مُرِ الناس فليصلّوا ، قال عبد الله : فخرجت فلقيت ناساً لأُكلّمهم ، فلمّا لقيت عمر بن الخطاب لم أبغِ من وراء ، وكان أبو بكر غائباً ، فقلت له : صلّ بالناس يا عمر . فقام عمر في المقام ، فقال عمر : ما كنت أظنّ حين أمرتني إلّا أنّ رسول الله أمرك بذلك ، ولو لا ذلك ما صلّيتُ بالناس . فقال عبد الله : لمّا لم أرَ أبا بكر رأيتك أحقّ من غيرك بالصلاة » (١) .
فمع ثبوت كون ابن أبي قحافة في بعث أُسامة لا يتّفق أمر رسول الله أبا بكر بالصلاة مكانه مع تخلّفه عن جيش أُسامة ، وأنّ خروجه صلىاللهعليهوآله وحضوره الصلاة وهو متّكئ على رَجُلين من أهل بيته وقوله لعائشة وحفصة : « إن قد فعلتنّ » ليشير إلى أنّ أمر إمامة الصلاة لأبي بكر لم يكن بعلمه وأمره ، بل أنّه ذلك من فعلهنّ .
ولبيان أبعاد هذه المسألة لا بدّ من إعطاء صورة مختصرة عن المسجد النبوي الشريف وموقع بيوت النبيّ فيه .
إنّ النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله حينما هاجر إلى يثرب = المدينة المنوّرة كان أوّل ما فعله هو بناء المسجد فيه ، ثمّ بنى على يسار المسجد حجرتين : إحداهما لابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام والأخرى لفاطمة بنت أسد أُم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ بنى بعد ذلك في قبلة المسجد بيوتاً لأزواجه على أن لا تدخل إحداهنّ في بيت
______________________
(١) الطبقات الكبرى ٢ : ٢٢٠ .