الإقامة ، فلا بدّ لنا ولهم من تأويله ، فكان الأخذ بالإفراد أولى لأنّه الموافق لباقي الروايات والأحاديث الصحيحة كحديث أنس وغيره ممّا سبق في الإفراد (١) .
قلتُ :
كيف يأخذ النووي جانباً من الخبر ويترك الجانب الآخر منه ، فلو كان الخبر صحيحاً وجب عليه الأخذ بجميعه ، وإن كان ضعيفاً فعليه ترك جميعه ، كما فعله الأحناف ولا ترجيح لأحدهما على الآخر .
وعلّل صاحب (عون المعبود) الترجيع بعلل ، فقال :
قال بعضهم : كان ما رواه أبو محذورة تعليماً فظنّ ترجيعاً وقال الطحاوي في (شرح الآثار) : يحتمل أنّ الترجيع إنّما كان لأنّ أبا محذورة لم يمدّ بذلك صوته كما أراده النبيّ ، فقال عليهالسلام : إرجع فامدد صوتك (٢) ، انتهى .
وقال ابن الجوزي في (التحقيق) : أنّ أبا محذورة كان كافراً قبل أن يسلم فلمّا أسلم ولقّنه النبيّ أعاد عليه الشهادة أكررها ليثبت عنده ويحفظها ويكررها على أصحابه المشركين ، فإنّهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها ، فلمّا كررها عليه ظنّها من الأذان ، فعدّه تسع عشرة كلمة ، انتهى (٣) .
كان هذا هو خلاصة أدلّة الشوافع والمالكية ، وللإمام مالك سند إلى خبر أبي محذورة مذكور في (المدوّنة الكبرى) :
______________________
(١) المجموع ٣ : ٩٥ .
(٢) وهذا يتّفق مع ما ذكره السرخسي في المبسوط ١ : ١٢٨ .
(٣) عون المعبود ٢ : ١٣٤ ـ ١٣٧ .