تُحمَل رواية عروة عن امرأة من بني النجّار قالت : كان بلال يجلس على بيتي وهو أعلى بيت في المدينة ، فإذا رأى الفجر تَمطّأ ثمّ أذّن ، أخرجه أبو داود وإسناده حسن .
ورواية حميد عن أنس : أنّ سائلاً سأل عن وقت الصلاة ، فأمر صلىاللهعليهوآله بلالاً فأذّن حين طلع الفجر ، الحديث ، أخرجه النسائي وإسناده صحيح .
ثمّ أردف بابن أُمّ مكتوم فكان يؤذّن بليل ، فاستمرّ بلال على حالته الأولى ، وعلى ذلك تنزل رواية أنيسة وغيرها ، ثمّ في آخر الأمر أُخّر ابن أُمّ مكتوم لضعفه ، ووكل به مَن يراعي له الفجر ، واستقرّ أذان بلال بليل ، وكان سبب ذلك : ما رُوي أنّه كان ربّما أخطأ الفجر فأذّن قبل طلوعه وأنّه أخطأه مرّة ، فأمره عليهالسلام أن يرجع فيقول : ألا إنّ العبد نام ، يعني أنّ غلبة النوم على عينيه منعته من تبيّن الفجر ، وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره من طريق حمّاد بن سلمة عن أيّوب عن نافع ، عن ابن عمر موصولاً مرفوعاً ، ورواته ثِقات حُفّاظ .
لكن اتّفق أئمّة الحديث : علي بن المديني ، وأحمد ، والبخاري ، والذهلي ، وأبو حاتِم ، وأبو داود ، والترمذي ، والأثرم ، والدارقطني ، على أنّ حمّاداً أخطأ في رفعه ، وأنّ الصواب وقفه على عمر بن الخطّاب أنّه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذّنه ، وأنّ حمّاداً انفرد برفعه .
ومع ذلك فقد وُجد له متابع ، أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن زَرْبيّ ـ بفتح الزاي وسكون الراي بعدها موحّدة ثمّ بياء النسبة ـ فرواه عن أيّوب موصولاً ، لكنّ سعيداً ضعيف .
ورواه عبد الرزّاق عن معمَّر عن أيّوب أيضاً ، لكنّه أعضله فلم يذكر نافعاً ولا ابن عمر ، وله طريقٌ آخر عن نافع عن الدارقطني وغيره اختُلف في رفعها ووقفها أيضاً .