الدالّة على توجه والتزام هذا المذهب أو ذاك .
وقد جاء في مقدمة تذكرة الحفاظ عن شعيب بن جرير أنّه طلب من سفيان الثوري أن يحدثه بحديث السنة فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، القرآن كلام الله غير مخلوق إلى أن يقول : يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى المسح على الخفين ، وحتى ترى إن اخفاء بسم الله أفضل من الجهر به ، وحتى تؤمن بالقدر ، وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر ...(١) .
فإنّ إصرار بعضهم على الأخذ بسنة الشيخين يعني جعل تلك الأحكام شعاراً لهم ، ليمتاز مشايعهم عن الشيعي الذي يأخذ بكلام الإمام عليّ عليهالسلام ، ولهذا تراهم يرجعون علة الأخذ والرد بأنّ هذا صار شعاراً للروافض فيجب تركه ، ولو تأملنا قليلاً فإنّ مرد كل هذا الصراع إلى الإمامة .
إذن اخضعت الإمامة لمعترك الصراع الفقهي من زاوية التأكيد على فقه هذا أو ذاك ، كما أنّ منعهم من نشر فضائل أهل البيت جاء للحدّ من اتّباع الأمّة للإمامة والأخذ برأيهم ، لأنّ نقل الفضائل مقدّمة للأخذ بأقوالهم والسير على هداهم والدعوة إلى امامتهم ، وهذا ما لا يرتضيه الآخرون .
وبهذا فقد اتّضح ـ ولحدّ ما ـ هدفنا من الكتابة في هذا الجانب في البحث فهم جذور الصراع العقائدي في الإمامة من خلال المفردات الفقهية عموماً ومفردة « الصلاة خير من النوم » على وجه الخصوص وهذا ما لم يفعله علمائنا لحدّ الآن في دراساتهم المقارنة .
______________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ : ٢٠٦ ، اعتقاد أهل السنة ١ : ١٥٢ ، تحفة الاحوذي ٢ : ٤٨ .