وإنّ قول عمر لرسول الله في رزية الخميس « حسبنا كتاب الله » دالة على هذا الأمر وأنّه كان يريد بكلامه هذا أن يقول بأن ظاهر القرآن ونصه مقدم على نفس رسول الله ، فكيف في قوله عند مرض موته !
في حين ان هذا القرآن ـ الذي يرجعون الناس إليه هو ـ نفسه أمرهم بلزوم اتباع الرسول وأنّ كلامه لا يختلف عن القرآن لقوله : « وإنّي قد أُوتيت الكتاب ومثله معه » وعليه فيجب التعبّد بقوله وفعله وعدم الخروج عن اوامره صاحياً كان أم مريضاً .
وعليه فإنّ وضع جملة « الصلاة خير من النوم » عند هؤلاء تعني بأنّ الصلاة ـ والتي هي رأس العبادات ـ خير من نفس النّبي ، وإذا كانت هي خير من النبي في حالة صحوه فكيف لا تكون خير منه في حالة نومه وغلبة الوجع عليه !!! ـ والعياذ بالله ، ما أكبرها من كلمة !!! ـ
أي أنّ الالف واللام في هذا الاحتمال يكون للجنس مع لحاظ خصوصية نوم النبي .
وباعتقادي ـ طبقاً للنصوص ـ أنّ جملة « الصلاة خير من النوم » قد وضعت ـ في أذان الفجر ـ بعد وفاة رسول الله وفي عهد أبي بكر ، لكن لما كانت فترة خلافته قصيرة ومملوة بالحروب الداخلية ، ثبتت هذه المقولة بجهود عمر وفي عهده في الأذان ، ويتّفق هذا مع ما قاله الإمام مالك في الموطّأ .
فعمر كان جريئاً وله أوّليات في الشريعة والتاريخ وهو أوّل من اتهم الرسول بالهجر ، ومنعه من كتابة الكتاب ، وكان زعيم الاتجاه الذاهب إلى كون العبادات ـ وعلى رأسها الصلاة ـ هي أهم من نفس النّبي ، وبذلك تكون « الصلاة » عنده خير من « النوم » بهذا التفسير .