وقد فصّل الرافعي في (فتح العزيز) هذه المسألة وقال :
فيه قولان : ... القديم أنه يثوّب والجديد أنه لا يثوّب . والثاني : القطع بأنه يثوّب ، وبه قال مالك وأحمد لما روي عن بلال رضي الله عنه قال : قال رسول الله : لا تثوّبنّ في شيء من الصلاة إلّا في صلاة الفجر ... وإنما كرهه في الجديد معلّلاً بأن أبا محذورة لم يحكِه ، وقد ثبت عن أبي محذورة أنه قال : علّمني رسول الله الأذان وقال : إذا كنت في أذان الصبح فقلت « حي على الفلاح » فقل « الصلاة خير من النوم » مرتين . فيحتمل أنّه لم يبلغه عن أبي محذورة وبنى التثويب في القديم على رواية غيره (١) ، ويحتمل أنه بلغه في القديم ونسيه في الجديد ، وعلى كل حال فاعتماده في الجديد على خبر أبي محذوره وروايته فكأنه قال : مذهبي ما ثبت في حديثه (٢) .
وقال النووي في (المجموع) : وأمّا التثويب في الصبح ففيه طريقان : الصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور أنه مسنون قطعاً لحديث أبي محذورة . والطريق الثاني فيه قولان :
أحدهما هذا (٣) وهو القديم ، ونقله أبو الطيب وصاحب الشامل عن نص
______________________
(١) سنثبت لاحقاً أنّ كلّ ما استدلوا به على شرعية « الصلاة خير من النوم » في أذان الصبح الشرعي ضعيف ، سواء في ذلك ما ورد عن بلال أو ما ورد عن أبي هريرة ، وحتى ما نُقل عن أبي محذورة ، فالذي يجوز قوله فيه هو : أنّ أولاد أبي محذورة وسعد القرظ هم الذين وضعوا هذه الأخبار ونسبوها إلى آبائهم ، أما ما انفرد به المزني عن الإمام علي فلم نعثر عليه في المعاجم الحديثية رغم تتبّعنا الكثير له .
(٢) فتح العزيز ٣ : ١٦٩ ـ ١٧١ .
(٣) أي ما حُكي عن الشافعي في القديم .