الحسن بن علي بن فضال عن شعيب العقرقوفي عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام لم تبق الأرض إلا وفيها منا عالم يعرف الحق من الباطل قال : إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية الخبر.
أقول ـ المستفاد من هذه الأخبار بعد ضم بعضها إلى بعض أن التقية في السب واجبة وأن التقية في البراءة جائزة والأفضل التقية فيها وترك التقية فيها مرجوح ، هذا أقصى ما يستفاد منها وهذا كله إذا لم يمكن التورية في السب أو البراءة وأما إذا أمكن ذلك فهو متعين قطعا والله العالم.
تشييد للمرام ـ قد شنع المخالفون علينا في قولنا بالتقية مع كثرة الدلائل القاطعة عليها من الكتاب والسنة وقد رووا ما يدل عليها من طرقهم وقد قال الله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) وقال تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) وروى الفخر الرازي وغيره من المفسرين عن الحسن قال : أخذ مسيلمة الكذاب رجلين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله قال : نعم قال : أفتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم وكان مسيلمة يزعم أنه رسول بني حنيفة ومحمد صلىاللهعليهوآله رسول قريش فتركه ودعا الآخر فقال : أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم نعم نعم قال : أفتشهد أني رسول الله؟ قال إني أصم ثلاثا فقدمه وقتله فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : أما هذا المقتول فمضى على صدقه ويقينه فهنيئا له وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه. وروى العامة والخاصة أن أناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه مع أنه كان بقلبه مصرا على الإيمان منهم عمار وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا وقتل ياسر وسمية وهما أول قتيلين في الإسلام وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فقيل : يا رسول الله إن عمارا كفر فقال صلىاللهعليهوآله : كلا إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يبكي فجعل رسول الله يمسح عينيه يقول ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت ومنهم خير مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر ثم أسلم وحسن إسلامهما وهاجرا. وقال ابن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة عمار : إن نزول الآية يعني قوله تعالى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) مما أجمع أهل التفسير عليه ويدل على ذلك أيضا ما يدل على نفي الحرج في الدين كقوله