سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)) [القصص : ٢٨ / ٢٢ ـ ٢٨].
حينما اتّجه موسى عليهالسلام جهة مدين ، تاركا فرعون وبلاده ، ومن أجل معرفته الطريق ، قال داعيا ربّه : ربّي اهدني الطريق الأقوم ، فامتن الله عليه ، وهداه إلى السبيل الصحيح ، المؤدي به إلى بلاد مدين ، وكان بحكم العادة يسأل الناس عن الطريق ، فيدلّونه.
ومدين : شمال خليج العقبة في فلسطين. وسبب هذا التّوجه : وجود قرابة بين موسى وأهل مدين ، فهم من ولد مدين بن إبراهيم عليهالسلام ، وموسى من بني إسرائيل ، والإسرائيليون من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام.
وفصول قصة مدين أولها : أن موسى عليهالسلام لما وصل إلى مدين ، وورد ماءها ، وجد رعاة الماشية يسقون أنعامهم ومواشيهم من بئر فيها ، ووجد جماعة من الناس حولهم ، ووجد في مكان ناء امرأتين تمنعان غنمهما من ورود الماء مع الرّعاة الآخرين ، لئلا تختلط مع أغنام غيرهما ، فسألهما : لماذا لا تسقيان ، ما شأنكما وخبركما ، لا تردان الماء مع هؤلاء؟ قالتا : لا نسقي غنمنا إلا بعد أن ينصرف الرّعاة (يصدر) ويبتعدوا من السّقي ، وأبونا شيخ كبير هرم ، لا يستطيع الرّعي والسّقي بنفسه.
فبادر موسى عليهالسلام لسقي غنم هاتين المرأتين ، من بئر مغطاة بصخرة ، لا يطيق رفعها إلا عشرة رجال ، ثم أعادها إلى موضعها على البئر ، ثم انزوى إلى ظلّ شجرة للراحة ، مناجيا ربّه قائلا : إنّي لمحتاج إلى الخير من ربّي ، وهو الطّعام ، لدفع غائلة الجوع.
وبعد رجوع المرأتين سريعا بالغنم إلى أبيهما شعيب عليهالسلام ، سألهما عن