الثاني : ما استند إليه المحقق النائيني (١) ، ولعله امتن من الأول ، وهو ان مفاد الهيئة معنى حرفي وملحوظ آلي ، والتقييد والاطلاق من شئون المفاهيم الاسمية الملحوظة استقلالا.
وفيه أولاً : قد مر في مبحث المعنى الحرفي ، انه ملحوظ استقلالا كالمعنى الاسمى ، وما اشتهر من ان المعاني الحرفية ، ملحوظات آلية ، حتى كاد ان يعد من الضروريات مما لا اصل له ، وقد ذكرنا في ذلك المبحث انه غالبا يكون للمعنى الحرفى مقصودا اصليا في الكلام ، بل الفرق بين المعنيين انما يكون في انفسهما لا في اللحاظ.
وثانياً : انه لو كان المحذور ذلك فإنما هو يمنع عن تقييد المعنى بعد اللحاظ لاما إذا قيد المعنى أولاً ثم لوحظ المعنى المقيد ، واستعمل اللفظ فيه بنحو تعدد الدال والمدلول.
الثالث : انه من المبرهن في محله ، ان الايجاد والوجود واحد حقيقة ، والفرق بينهما انما هو بالاعتبار حيث انه باعتبار استناده إلى الموجد ايجاد ، وباعتبار نفسه وجود ، وعليه فلا يعقل كون الايجاد فعليا والوجود استقباليا ، فكيف يمكن ان يكون الانشاء فعليا ، والمنشأ استقباليا.
وان شئت فقل ان الانشاء ايجاد للطلب فلا يمكن تأخر المنشأ عن الانشاء.
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ص ١٦٩ (وأما فساد أصل الاستدلال) وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦.