الانشاء.
وفيه : ان فعلية المنشأ عبارة أخرى عن تحققه فحينئذ يسأل عن هذا التحقق والوجود المعبر عنه بالفعلية هل يكون بانشاء احد ، ام وجد بنفسه ، وعلى الأول هل له انشاء آخر غير الانشاء الأول ام لا؟ لا سبيل إلى الأول والثالث ، فيتعين الثاني فيبقى المحذور على حاله.
والصحيح في الجواب يبتني على مقدمات :
١ ـ ان الشوق والاعتبار كسائر الصفات ذات الاضافة والافعال القائمة بالنفس التعليقية ، كالعلم والتصور وما شاكل ، يمكن تعلقهما بالامر المتأخر لاحظ اعتبار الملكية في باب الوصية ، وبالجملة الاعتبار النفساني ، والشوق ، يتعلقان بالامر المتأخر وهذا من البداهة بمكان.
٢ ـ ان ما اشتهر من ان الجمل الانشائية موجدة لمعانيها في نفس الامر مما لا اساس له ، بل هي مبرزة للامور القائمة بالنفس ، كالجمل الاخبارية وقد تقدم تفصيل ذلك في مبحث الانشاء والاخبار مفصلا.
٣ ـ انه قد تقدم في اول مبحث الاوامر ، ان هيئة" افعل" كسائر ما يستعمل في مقام البعث ، انما وضعت لابراز ان المادة متعلقة لشوق الامر ، أو لإبراز اعتبار الامر كون المادة على عهدة المأمور فراجع ما حققناه.
إذا عرفت هذه المقدمات وتوجهت إليها يظهر لك ان تعليق هيئة الامر على امر متأخر أمر ممكن ، سواء كان مفاد الهيئة ، ابراز الاعتبار النفساني ، ام كان هو ابراز الشوق ، وان اساس الشبهة انما هو تخيل ان الهيئة تكون موجدة