وعلى الجملة الامر بالمهم من جهة ثبوته على تقدير عصيان الامر بالاهم وترك متعلقه لا يعقل استناد عصيان الاهم إليه بل هو مستند إلى سوء سريرته فإذاً المطاردة من الجانبين غير متحققة.
واما ما افاده من ان الامر بالاهم يطارد الامر بالمهم فحسب وهذا يكفي في الاستحالة.
فيدفعه ان الامر بالاهم لا نظر له إلى متعلق الامر بالمهم بل انما هو ناظر إلى موضوعه ومقتضيا ، لرفعه ، والامر بالمهم يكون ناظرا إلى متعلقه دون موضوعه فكل منهما يقتضي شيئا لا يكون الآخر مقتضيا له فلا تزاحم بينهما ، ولاطرد لاحدهما للآخر ، إذ الطرد انما يتصور في صورة المزاحمة ، ولا مزاحمة بين ما لا اقتضاء له ، وما فيه الاقتضاء فتدبر فانه دقيق.
الوجه الثاني : ما افاده المحقق الخراساني (١) في صدر كلامه ، وحاصله ان القول بالترتب بما انه مبني على فعلية كلا الامرين في زمان واحد ، فلا محالة يستلزم طلب الجمع بين الضدين ، وهو محال.
وجوابه ما تقدم ، وملخصه ان الامر بالمهم لا يكون متعرضا لعصيان الامر بالاهم ولا نظر له إليه رفعا ووضعا لكونه ماخوذا في موضوعه ، والحكم يستحيل ان يكون مقتضيا لوجود موضوعه أو عدمه ، والامر بالاهم انما يكون ناظرا إليه ومقتضيا لهدمه ورفعه ، ومن الواضح ان الجمع بين ما لا اقتضاء له وما فيه الاقتضاء لا يستلزم الجمع بل هو في طرفي النقيض معه.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ١٣٤ بتصرف.