لها رائحة طيبة أي يشم. وفي الصحاح : والريحان نبت معروف ، والريحان الرزق تقول : خرجت أبتغي ريحان الله ، وفي الحديث : «الولد من ريحان الله» (١).
وقرأ ابن عامر : بنصب الحب وذا والريحان بخلق مضمر ، أي : وخلق الحب وذا العصف والريحان.
وقرأ حمزة والكسائي : برفع الحب وذو عطفا على فاكهة ، وجرّ الريحان عطفا على العصف ، والباقون : برفع الثلاثة عطفا على فاكهة أي وفيها أيضا هذه الأشياء.
ولما دخل في قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) الجنّ والإنس خاطبهما بقوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ) أي : نعم (رَبِّكُما) أي : المحسن إليكما المدبر لكما الذي لا مدبر ولا سيد لكما غيره (تُكَذِّبانِ) أبتلك النعم أم بغيرها؟ وكرر هذه الآية في هذه السورة في أحد وثلاثين موضعا تقريرا للنعمة ، وتأكيدا في التذكير ، وفصل بين كل نعمتين بما ينبههم عليها ليفهمهم النعم ، ويقرّرهم بها كما تقول لمن تتابع عليه إحسانك وهو يكفره وينكره : ألم تكن فقيرا فأغنيتك؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن خاملا فعززتك؟ أفتنكر هذا؟ ألم تكن راجلا فحملتك؟ أفتنكر هذا؟ والتكرير حسن في مثل هذا.
قال القائل (٢) :
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم
وقال آخر : (٣)
لا تقتلي مسلما إن كنت مسلمة |
|
إياك من دمه إياك إياك |
وقال آخر (٤) :
لا تقطعنّ الصديق ما طرفت |
|
عيناك من قول كاشح أشر |
ولا تملنّ يوما زيارته |
|
زره وزره وزر وزر وزر |
وقال الحسن بن الفضل : التكرير طرد للغفلة ، وتأكيد للحجة قال بعض العلماء : والتكرير ههنا كما تقدّم في قوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) [القمر : ١٧] وكقوله تعالى : فيما سيأتي (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) [المرسلات : ١٥] وذهب جماعة منهم ابن قتيبة إلى أنّ التكرير لاختلاف النعم ، فلذلك كرّر التوقيف مع كل واحدة.
وقال الرازي : وذكره بلفظ الخطاب على سبيل الالتفات ، والمراد به التقرير والزجر وذكر لفظ الرب لأنه يشعر بالرحمة ؛ قال : وكرّرت هذه اللفظة في هذه السورة نيفا وثلاثين مرة : إما للتأكيد ، ولا يعقل لخصوص العدد معنى. وقيل : الخطاب مع الأنس والجنّ والنعمة منحصرة في دفع المكروه ، وتحصيل المقصود ، وأعظم المكروهات : نار جهنم ولها سبعة أبواب ، وأعظم
__________________
(١) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ٤٤٤٢٢ ، بلفظ : «الولد من ريحان الجنة» ، وأخرجه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٦ / ٣٢٠ ، بلفظ : «الولد الصالح ريحانة من الرياحين».
(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٣) البيت لم أجده.
(٤) البيتان لم أجدهما في المصادر والمراجع التي بين يدي.